وحجة الحنفية: والمالكية هي الكتاب والأثر والمعقول أما الكتاب: فأولاً: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} أباح الله تعالى الأكل من مال الغير بمد حظر بطريق التجارة عن تراض، وهي تصدق بمجرد الإيجاب القبول ما داما ناشئين عن اختيار وإرادة حرة غير مقيدة. ومن المعلوم أنه لو ثبت لهما الخيار بالعقد لما أبيح لهما الأكل بمجرد العقد لحق الآخر في الفسخ، فدلت إباحة الأكل بمجرد العقد على أنه ينعقد لازماً. والتجارة هي تقليب المال بالبيع والشراء. فالعقد لا يكون عقداً واجب الوفاء حتى يتم ركناه الصيغة والتفرق، وكذلك البيع والتجارة لا يكونان بيعاً وتجارة معتداً بهما شرعاً، ويترتب عليهما نقل الملك وحل الأكل وجواز التصرف إلا بالصيغة والتفرق. قال ابن حزم وهو يناقش أدلة الحنفية في صدد احتجاجهم لمذهبهم بقوله تعالى: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} "الذي أتانا بهذه الآية هو الذي من عنده تدري ما هي التجارة المباحة لنا مما حرم علينا، وما هو التراضي الناقل للملك من التراضي الذي لا ينقل الملك، ولولاه لم نعرف شيئاً من ذلك. وهو الذي أخبرنا أن العقد ليس بيعاً ولا هو تجارة، ولا هو تراضياً ولا ينقل ملكاً إلا حين يستضيف إليه التفرق عن موضعهما أو التخيير فهذا هو البيع والتجارة". وبمثل هذا أجاب عن احتجاجهم بقوله تعالى: {أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} وقوله تعالى: {وَأَشْهِدُوا إِذَا تَبَايَعْتُمْ} والذي حمل الظاهرية على أن يجعلوا التفرق داخلاً في عقدة البيع وغيره هو مثل قوله -صلى الله عليه وسلم-: "كُلُّ بيْعَيْنِ لاَ بَيْعَ بَيْنَهُمَا حَتَّى يَتَفَرَّقَا" حيث نفى البيع قبل التفرق، فتكون حقيقة الشرعية معدومة قبله. وأما غير الظاهرية فهذه الآيات والأحايث -وإن كانت مطلقة وعامة شاملة لكل عقد وبيع وتجارة- إلا أنها مقيدة أو مخصصة بالأحاديث التي ذكروا الاثبات خيار المجلس جمعاً بين الأدلة، فيكون المراد من العقود والتجارات والبيوع العقود والتجارات والبيوع اللازمة، ولا تكون كذلك حتى يكون التفرق بالأبدان عن مجلس =