= الموصوف فلا يجري فيه هذا القياس فهو دليل فقط على جزء الدعوى. والذي نختاره: من هذه المذاهب، ونراه أقوى من حيث الحاضر المستور فالمراد بالحاضر المستور ما يصح بيعه لولا الستر، والمراد بالستر ما ليس بخلقي كعدل فيه ثياب، وإناء فيه زيت أو صبرة من القمح مثلاً حيث باطنها مستور بظاهرها. فلا يدخل في بيع حبل الحبلة، أو الدهن في السمسم أو الجوز في قشره مثلاً. والحاضر المستور إما مستور كله وإما مستور بعضه. فإن كان مستوراً كله كثياب في عدل مقفل عليها فحكمه حكم بيع الغائب في الفصل المتقدم لأنه في معناه. وإن كان مستوراً بعضه دون بعض فلا يخلو، الأمر من أن يكون المكشوف دالاً على المستور أو غير دال عليه. فإن كان الأول وذلك في المثلى كصبرة من الأرز يعاين ظاهرها فهذا قد اتفق الفقهاء والشافعية منهم على صحة بيعه، فإن خرج الباطن أقل جودة من الظاهر فللمشتري الخيار إن شاء أمضى البيع وإن شاء فسخه. وإنما اتفقوا على الصحة في هذه الصورة لأنه كالمرئي جميعه كما أن الظاهر دليل على الباطن. وإن كان الثاني وهذا في المتقوم فهو كالمستور كله؛ لأن الظاهر لا يغني عن الباطن شيئاً، ولا يقوم مقامه. وعمى المشتري ينزل منزلة غياب المبيع بالنسبة له لو كان مبصراً لأن المبيع بالنسبة في الحالين غير مرئي. وعدم الرؤية هو مناط اختلاف المذاهب في حكم بيع الغالب. ولا فرق بين أن يكون عدم الرؤية راجعاً لوصف في المبيع كغيبته وستره أو لوصف في العاقد كعماه. ولذا فالمذاهب في صحة بيع الأعمى وشرائه هي المذاهب في صحة بيع الغائب وعدم صحته. إلا أنا مع ذلك سنبين ذلك بعض بيان. فنقول: مذهب الحنفية هو صحة بيعه وشرائه، وله الخيار إذا اشترى لأنه يصدق عليه أنه اشترى ما لم يره فيكون داخلاً في عموم الحديث. وسواء عندهم كان المقصود من المبيع مما يدرك بحاسة البصر، أو مما يدرك بغيرها من الحواس الشم أو الذوق. فما يدرك بحاسة البصر يكون له الخيار فيه إذا وصف له وما يدرك بحاسة الشم يكون له الخيار فيه إذا شمه كالمسك. وهكذا سائر الحواس. وإنما كان الأمر كذلك لأن المراد بالرؤية العلم بالمقصود من المبيع. فتكون من باب عموم المجاز. إذ هناك مبيعات لا يكتفي فيها بمجرد الرؤية كما لو اشترى طيباً مثلاً لا بد من شم رائحته حتى يثبت له خيار الررية اتفاقاً. وظاهر أن الخيار إنما يثبت للأعمى بما ذكر إذا لم يوصف له قبل البيع أو لم يشمه. أو يذقه، وهكذا؛ لأن هذا منه منزل منزلة الرؤية. ومذهب المالكية والحنابلة أن المبيع إن كان مما يدرك المقصود منه بغير الرؤية كالروائح والمذوقات صح بيعه وشراؤه منه إن شمه أو ذاقه ولا خيار له لأنه كالبصير في ذلك وإن كان مما يدرك المقصود منه بالرؤية فلا يصح بيعه ولا شراؤه حتى يوصف له ويكون له الخيار إذا اشترى وتخلف الوصف كالبصير في المبيع الغائب الموصوف وأما الشافعية فلم يصححوا له بيعاً ولا شراء مطلقاً كمذهبهم في بيع الغائب بل عليه أن يوكل. نعم إذا رأى المبيع فعمي فعقد عليه في ظرف مدة لا يتغير فيها غالباً فعقده هذا صحيح كما لو رأى البصير المبيع ثم غاب عليه فعقد عليه في ظرف هذه المدة. وعرف الناس في معاملاتهم يشهد برجحان مذهب المالكية والحنابلة. رؤية قبل البيع أما الغائب الذي سبقت رؤيته فإن كانت المدة الفاصلة بين العقد والرؤية طويلة من شأن المبيع أن يتغير فيها غالباً فحكم البيع هنا هو حكم في الغائب الذي لم ير قبل البيع، لأن هذه الرؤية تعتبر كلا رؤية لعدم الوثوق ببقاء المبيع بحاله. وإن كانت المدة الفاصلة مدة قصيرة لا يتغير فيها المبيع =