للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .


= غالباً فالمذاهب هنا مجمعة على صحة البيع؛ لأن الأصل هو بقاء المبيع على حاله التي كان عليها حين الرؤية. ومع هذا فإن وجد المشتري المبيع على صفته التي رآه عليها قبل العقد فالبيع لازم له فلا يجوز له رد المبيع وهذا محل وفاق حتى عند الحنفية أيضاً، وليس كالغائب لأنه يصدق عليه أنه اشترى ما رأى فليس من مشمولات الحديث وإن وجده قد تغير فهو بالخيار. وهذا طبعاً عند غير الظاهرية، وأما هم فيكون البيع باطلاً عندهم كمذهبهم في تخلف الوصف. وهل هذا الخيار خيار رؤية أم خيار خلف الوصف؟ عند الحنفية من القبيل الأول. لأنه بالتغير ثبت أن تلك الرؤية السابقة لم تقع معلمة بأوصافه عند البيع فكان وجود الرؤية وعدمها سيان فكأن العقد وقع على مغيب لم تسبق رؤيته فكان الخيار خيار رؤية. وعند الأئمة الثلاثة من القبيل الثاني؛ لأنه ما أقدم على شرائه إلا وهو يعلم أنه على الوصف الذي رآه عليه من قبل فلما ظهر تخلفه كان له الخيار لهذا. وفي الحق لو ذهب غير الحنفية مذهبهم في إثبات خيار الرؤية لاتفقت وجهة نظرهم مع الحنفية. فكل بني على مذهبه في خيار الرؤية. قد ظهر من هذا:
١ - أن خيار الرؤية بمعنى كونه لازماً من لوازم العقد على الغائب وما في حكمه لم يذهب إليه في حقيفة الأمر إلا الحنفية.
٢ - وأنه عند المالكية لا يكون إلا بالشرط كخيار الشرط بحيث لو خلا البيع عن شرطه لم يستوجبه بل تارة يكون باطلاً كالعقد على الغائب المجهول، وتارة يكون صحيحاً لازماً كالعقد على الغائب الموصوف.
٣ - وظهر بهذا أن خيار الرؤية عند الحنفية من قبيل الخيارات التي تثبت بوضع الشرع وعند المالكية من قبيل ما يثبت بالشرط.
٤ - وأن المالكية والحنابلة يسمون خيار الرؤية في المبيع الغائب الموصوف إذا رؤي متخلفاً وصفه خيار خلف الوصف.
٥ - وأن الشافعية قائلون بخيار الرؤية على هذا المعنى الأخير، ولكن في الغائب الذي سبقت رؤيته وفي الحاضر المستور بعضه إذا كان مما يعاين بالمثال والنموذج.
٦ - وأن الوصف غير معتبر عند الحنفية في الغائب والمستور فلو جاء على الوصف فللمشتري الخيار أيضاً، وخالفهم في هذا المالكية والحنابلة.
٧ - نعم لو شرط المشتري خيار الرؤية في الغائب الموصوف فإنهم يوافقون الحنفية في هذه الحالة (وهذا عند المالكية).
٨ - وأن الظاهرية تفردوا عن غيرهم ببطلان البيع إذا ظهر تخلف الوصف في الموصوف. ثبوته للمشتري وحده إذا كان البيع مقايضة سلعة بسلعة ثبت خيار الرؤية لكلا العاقدين لأن كلا منهما في حقيقة الأمر بائع مشتر، فإن لم يثبت له بوصف كونه بائعاً ثبت له بوصف كونه مشترياً وهذا لا خلاف فيه. أما إذا كان البيع بالنقد فإن خيار الرؤية يثبت للمشتري وحده سواء على المعنى الذي ذهب إليه الحنفية أو المالكية أو الحنابلة، والتوجيه مختلف لاختلاف المذاهب في معنى خيار الرؤية ومداه. فعند الحنفية والمالكية؛ لأن الأصل في البيع هو اللزوم خولف هذا الأصل بالنسبة للمشتري. للحديث عند الحنفية فإن الخيار فيه مرتب على الاشتراء وللحاجة =

<<  <  ج: ص:  >  >>