للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على هذين القولين، وقد ذكرنا نظيرهما في الرد بالعيب قبل القبض، وطردهما طاردون في الإِقالة إذا جعلناها فسخاً، وخرجوا عليهما الزوائد.

والأصح: فيها جميعاً: أنها للمشتري، وتكون أمانة في يد البائع، ولو هلكت والأصل باقٍ فالبيع باقٍ بحاله، ولا خيار للمشتري، وفي معنى الزَّوَائِد الرِّكَاز الذي يجده العَبْد، وما وهب منه فقبله وقبضه، وما أَوْصى له فقبله، هذا حكم التالف بالآفة السَّماوية. أما إذا أَتْلَف المبيع قبل القبض، فله ثلاثة أقسام:

الأول: أن يُتْلفه المشتري فهو قبض منه على المذهب (١)، لأنه أتلف مِلْكه، فأشبه ما إذا أتلف المالك المغصوب في يد الغاصب يَبْرَأَ الغاصب من الضَّمَان، ويصير المالك مستردّاً بالإتلاف.

وحكى الشيخ أبو علي وغيره وجهاً: أن إتلافه ليس بقبض، ولكن عليه القيمة للبائع ويسترد الثمن، ويكون التَّلف من ضمان البائع، هذا عند العِلْم. أما إذا كان جاهلاً بأن قدم البائع الطَّعام المبيع إلى المشتري فأكله، هل يُجعل قابضًا؟

قال القاضي حسين -رحمه الله- فيه وجهان تفريعاً على، لقولين، فيما إذا قَدّم الغَاصب الطعام المغصوب إلى المالك فأكله جاهلاً، هل يبرأ الغاصب؟

إن لم نجعله قابضًا، فهو كما لو أتلف البائع.

والثاني: أن يُتْلفه أجنبي ففيه طريقان: أظهرهما: أنه على قولين:

أحدهما: أنه كالتَّلف بآفة سَمَاوية لتعذُّر التسليم.


(١) يستثنى منه مسائل:
منها: لو أتلفه دفعاً لصياله لم يكن قبضاً على الأصح.
ومنها: لو قتله المشتري بالرد وكان هو الإمام أو ما دونه ونحوهما لم يكن قبضاً وينفسخ البيع وإن كان غيرهما استقر العقد كما نقلاه قبيل باب الديات عن فتاوى البغوي.
ومنها: لو قتل العبد في قطع الطريق فقتله السيد فكذلك كما أشار إليه القفال في شرح التلخيص.
ومنها: لو قتله المشتري قصاصاً. قال ابن الرفعة: يظهر أنه كالأجنبي فيكون كالآفة ولكون الحق له خالف قتل المرتد، واعلم أن قول الشيخ "وإتلاف المشتري قبض" ظاهر في المشتري لنفسه. أما المشتري بطريق الوكالة فإن إتلافه كالأجنبي سواء أذن له الموكل في القبض أم لم يأذن، أما إذا لم يأذن فواضح. وأما إذا أذن فلأنه لم يأذن له إلا في القبض الشرعي ولو اشترى الولي للصبي سلعة فوثب عليها أو أتلفها فهل يكون قبضاً. قال في الخادم: صرح القاضي الحسين في الجنايات بأنه يكون قبضاً، وكلام الرافعي هناك يخالفه إلى آخر ما ذكره.

<<  <  ج: ص:  >  >>