وأصحهما، وبه قال أبو حنيفة وأحمد: أنه ليس كذلك ولا ينفسخ البيع (١)، لقيام القيمة مقام المبيع، لكن للمشتري الخيار، إنْ شاء فسخ واسترد الثمن ويغرم البائع الأَجنبي، وإنْ شاء أجاز وغرم الأَجنبي.
والثاني: القطع بالقول الثاني، ويحكى هذا عن ابن سُرَيْجٍ. وإذا قلنا به، فهل للبائع حبس القيمة لأخذ الثمن؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم، كما يحبس المُرْتَهَن قيمة المرهون.
وأظهرهما: لا؛ لأن الحبس غير مقصود بالعقد حتى ينتقل إلى البدل بخلاف الرهن، ولهذا لو أتلف الراهن المرهون غرم القيمة، والمشتري إذا أتلف المبيع لا يغرم القيمة ليحبسها البائع، وعلى الأول لو تلفت القيمة في يده بآفة سَمَاوِية، هل ينفسخ البيع لأنها بدل المبيع؟ فيه وجهان:
أظهرهما: لا.
والثالث: أن يتلفه البائع فطريقان:
أظهرهما: أنه على قولين.
أصحهما: انفساخ البيع كما في الآَفة السماوية؛ لأن المبيع مضمون عليه بالثمن، فإذا أتلفه سقط الثمن، وبهذا قال أبو حنيفة.
والثاني: المنع كإتلاف الأجنبي؛ لأنه جنى على ملك غيره، فعلى هذا إِنْ شاء المشتري فسخ البيع وسقط الثمن، وإنْ شَاءَ أجاز وغرم البائع القيمة وأدى الثمن، وقد يقع ذلك في أقْوال النقاص.
والثاني: القطع بالقول الأول، فإن لم نحكم بالانفساخ عاد الخلاف في حبس القيمة.
وعن الشيخ أبي محمد: القطع بأنه لا حبس هاهنا لتعديه بإتلاف العين.
ولو باع شِقْصاً مِنْ عبد، وأَعْتَق باقيه قبل القبض وهو موسر، عتق كله وانفسخ البيع وسقط الثمن، إن جعلنا إِتْلاَف البائع كالآفة السماوية، وإن جعلناه كَإتلاف الأجنبي
(١) محل ما ذكره الشيخ إذا أتلفه الأجنبي تعدياً فإن أتلفه بحق من قصاص وغيره، كان كإتلافه بالآفة السماوية قطعاً فينفسخ البيع وكذا كل موضع لا يضمنه الأجنبي بالإتلاف كقتله بحرابة أو ردة أو دفعاً لصياله كما سبق أو قتل العبد في حال قتال البغاة أو في قتال أهل الردة وكذلك إتلاف الصبي الذي لا يميز بغير أمر أحد فإنه لا يتعلق به ضمان على الأرجح ويستثنى أيضاً استيلاد الأب جارية اشتراها ابنه قبل القبض لكن في هذه يكون قبضاً. قال في الخادم: ويجب أن يكون محل التخيير في غير الصرف ونحوه فإن التقابض لم يوجد وهو شرط الصحة. ووجه عدم الفسخ وهو الأصح في الشرح الصغير في أوائل الصداق أنه جار على ملك غيره كإتلاف الأجنبي.