فللمشتري الخيار، ولو استعمل البائع المبيع قبل القبض، فلا أجرة عليه إن جعلنا إِتْلافه كالآفة السَّمَاوِية، وإِلاَّ فعليه الأُجْرَة. وَإِتْلاف الأَعْجَمِي والصَّبي الَّذي لا يميز بأمر البائع أو المُشْتري كإتلافهما وَإِتْلاَف المميز بأمرهما كإتلاف الأجنبي.
وذكر القَاضِي الحُسين -رحمه الله-: أن إذن المشتري للأجنبي في الإتْلاَف يلغو، وإذا أتلف فله الخيار، وأنه لو أذن البَائِع في الأكل والإِحْرَاف ففعل، كان التَّلف من ضمان البائع بخلاف ما إذا أذن للغاصب ففعل يَبْرَأ، لأن الملك ثم مستقر.
ورأيت في "فَتَاوى القَفَّال" أن إتلاف عَبْد البائع كإتلاف الأجنبي، وكذا إِتْلاَف عبد المشتري بغير إذنه، فإن أجاز جعل قابضاً، كما لو أتلفه بنفسه، وإن فسخ اتبع البائعُ الجاني، وأنه لو كان المَبِيع علفاً فاعتلفه حمار المشتري بالنَّهَار ينفسخ البَيْع، وإن اعتلفه باللَّيْل لا يَنْفَسخ وللمشتري الخيار، فَإِنْ أَجَاز فهو قابض، وإلاَّ طالبه البائع بقيمة ما أتلفه حماره، وفي بهيمة البائع أطلق القول بإتلافها كالآفة السماوية، قيل له: هلاَّ فرقت فيها أيضاً بين الليل والنهار؟ فقال: هذا موضع التَّروي.
ولو صال العبد المبيع على المشتري في يد البائع فقتله دفعاً، فعن الشيخ أبي علي: أنه لا يستقر الثَّمَن عليه.
وعن القاضي: أنه يستقر لأنه أتلفه في غرض نفسه (١).
ولو أَخَذَ المُشْتَرِي المبيع بغير إذن البائع، فللبائع الاسترداد إذا ثبت له حق الفَسْخ، فإِنْ أتلفه في يد المُشْتَرِي ففيه قولان عن رواية صاحب "التقريب":
أحدهما: أن عليه القيمة ولا خيار للمشتري لاستقرار العقد بالقبض، وإنْ كان ظالماً فيه.
والثاني: أنّه يجعل مستردّاً بالإتلاف كما أنَّ المشتري قابض بالإتلاف، وعلى هذا فينفسخ البيع أو يثبت الخِيَار للمشتري.
قال الإمام -رحمه الله-: الظَّاهر الثاني.
واعلم: أن وقوع الدَّرّة في البَحْر قبل القبض بمثابة التلف، يفسخ به البيع، وكذا انفلات الطَّير، والصيد المتوحش، كذا قاله في "التتمة".
ولو غرَّق البحر الأرض المشتراة، أو وقع عليها صخور عظيمة من جبل بَجَنْبِها،
(١) قول أبي علي أصح. ولهذا لا يضمنه الأجنبي ولا المحرم لو كان صيدا. وكذا لو صال المغصوب على مالكه فقتله دفعاً لم يبرأ الغاصب سواء علم أنه ملكه أم لا وفي العالم وجه شاذ وسيأتي إيضاحه في أول كتاب الغصب -إن شاء الله تعالى-. (ينظر الروضة ٣/ ١٦٣).