للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو ركبها رمل فهي بمثابة التَّلف أو أثرها ثبوت الخيار، فيه وجهان: الأَشْبَه الثاني.

ولو أبق العبد قبل القبض، أو ضاع في انتهاب العَسْكَر لم ينفسخ البيع لبقاء المالية ورجاء العود. وفيه وجه: أنه ينفسخ كما في التَّلَفِ.

ولو غصبه غاصب فليس إلاَّ الخيار، فإن أجاز لم يلزمه تسليم الثمن، وإن سلمه فعن القَفَّال: أنه ليس له الاسترداد لتمكّنه من الفسخ، وإنْ أجاز ثم أراد الفسخ فله ذلك، كما لو انقطع المسلم فيه، فأجاز ثم أراد الفَسْخ؛ لأنه يتضرر كل ساعة، وحكي عن جواب القَفَّال مثله، فيما إذَا أَتْلَفَ الأجنبي المَبِيع قبل القبض، وأجاز المشتري ليتبع الجَاني، ثم أراد الفسخ.

وقال القاضي في هذه الصورة: وجب أَنْ لا يمكّن في هذه الصورة من الرجع؛ لأنه رَضِيَ بما في ذمة الأجْنَبِي فأشبه الحِوَالَة.

ولو جحد البائع العين قبل القبض، فللمشتري الفَسْخ لحصول التَّعذُّر.

وأَمَّا لفظ الكتاب فقوله: "أما الحكم فهو انْتِقَال الضَّمَان إلى المشتري، والتَّسْليط على التصرف" ترجمة لحكمي القبض معاً، وشرح الحكم الثَّاني وتفصيله يبتدئ من قوله، وقد نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وما قبل ذلك يتعلّق بالحكم الأول، وقوله: "في ضمان البَائِعَ" معلّم بالميم والألف، وكذا قوله: "انفسخ العقد"، وقوله: "قبض منه" بالواو، وقوله: "على أصح القولين" بالواو للطريقة الجازمة، وقوله: "كإتلاف الأجنبي على الأصح"، جواب على طريقة إِثْبَات القَوْلين، فيجوز إعلام الأصح بالواو، وَإعْلام قوله: "كإتلاف الأجنبي" بالحاء لما سبق، ثم قضية ما ذكروه: أن يكون الأصح في إتلاف البائع ثبوت الخيار لا الانْفِسَاخ؛ لأن الأمر كذلك في إِتْلاَفِ الأجنبي، لكن جمهور الأصحاب -رحمهم الله- على أن الانفساخ أصح، فاعرف ذلك.

فرع: منقول عن فتاوى القاضي:

باع عبداً من رجل، ثم باعه مِنْ آخر وسلَّمه إليه، وعجز عن انتزاعه وتسليمه إلى الأول، فهذا جناية منه على المبيع، فينزل منزلة الجناية الحِسّية حتى ينفسخ البيع في قول، ويثبت للمشتري الخيار في الثاني، بين أنْ يفسخ وبين أن يجيز ويأخذ القيمة من البائع، ولو أنه طالب البائع بالتسليم وزعم قدرته عليه، وقال البائع: أنا عاجز حلف عليه، فإن نكل حلف المدعي على أنه قادر ثم حبس إلى أن يسلم أو يقيم بَيّنته على عجزه، ولو ادَّعى المشتري الأول على الثاني العلم بالحال فأنكر حلفه، فإن نكل حلف هو، وأخذه منه -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَإِنْ تَعَيَّبَ المَبِيعُ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ قَبْلَ القَبْضِ فَلِلْمُشْتَرِي الخِيَارُ، فَإِنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>