للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَجَازَ يُجِيْزُ بِكُلِّ الثَّمَنِ، وَلاَ يُطَالِبُ بالأَرْشِ إِلاَّ أَنْ يَكُونَ التَّعَيُّبُ بِجِنَايَةِ أَجْنَبِيِّ فَيُطَالِبَهُ بِالأَرْشِ، وَكلدَا إِنْ كَانَ بِجَنَايَةِ البَائِعِ عَلَى الأَصَحِّ.

قال الرافعي: ذكرنا حكم التَّلَف والإتلاف العاريين قبل القبض، فأما إذا طَرَأَ عيب أو نُقْصَانٌ، نظر إن كان بآفة سماوية، كما إذا عَمِي العبد أو شُلَّت يده أو سقطت، فللمشتري الخيار إن شاء فسخ وإلا أجاز بجميع الثمن، ولا أَرْشَ له مع القدرة على الفسخ، وإن كان بجناية جَانٍ عادت الأقسام الثلاثة:

أولها: أن يكون الجاني هو المشتري، فإذا قطع يد العبد مثلاً قبل القبض، فلا خيار له لحصول النقص بفعله، بل يمتنع بسببه الرَّد بسائر العيوب القديمة أيضاً، ويجعل قابضاً لبعض المبيع حتى يستقر عليه ضمانه، وإن مات العبد في يد البائع بعد الانْدِمَال، فلا يضمن اليد المقطوعة بأَرْشها المقدّر، ولا بما نقص من القيمة بالقطع وإنما يضمنها بجزء من الثَّمن كما يضمن الكل بالثمن، وفي مقداره وجهان:

أصحهما، وبه قال ابن سُرَيْج وابن الحَدَّاد: أنه يقوم العبد صحيحاً ثم يقوم مقطوعاً ويعرف التفاوت بينهما فيستقر عليه من الثمن بمثل تلك النسبة.

بيانه: إذا قوم صحيحاً بثلاثين ومقطوعاً بخمسة عشر، فعليه نصف الثمن، ولو قوم مقطوعاً بعشرين، فعليه ثلث الثمن.

والثاني، ويحكى عن القاضي أبي الطَّيب: أنه يستقر مِنَ الثمن بنسبة أَرْش اليد من القيمة وهو النصف، وعلى هذا لو قطع يديه وانْدَمَلَتَا، ثم مات العبد في يد البائع وجب على المشتري تَمَام الثمن، وهذا كله تفريع على المذهب الصحيح، وهو أن إتلاف المشتري قبض منه، وعلى الوجه المنسوب إلى رواية الشيخ أبي علي: أنه لا يجعل قابضاً لشيء من العبد، وعليه ضمان اليد بأرشها المقدر وهو نصف القيمة كالأَجنبي، وقياسه: أن يكون له الخيار.

وثانيها: إذا قطع أجنبي يده قبل القبض، فللمشتري الخيار إِنْ شاء فسخ وتبع البائع الجاني، وإن شاء أجاز البيع بجميع الثمن وغرم الجاني.

قال القاضي المَاوِرْدِيُّ: وإنما يَغْرَمُه إذا قبض العبد أما قبله فلا، لجواز موت العبد في يد البائع وانفساخ البيع، ثم الغرامة الواجبة على الأجنبي نصف القيمة ما نقص من القيمة بالقطع، فيه قولان جاريان في جِرَاحَ العبد مطلقاً، والأصح: الأول.

وثالثها: إذا قطع البائع يد العَبْدِ قبل التسليم، فإن جعلنا جنايته كالآفة السماوية، فللمشتري الخيار وإِنْ شاء فسخ واستردَّ الثمن، وإنْ شاء أجاز بجميع الثمن، وإن جعلناها كجناية الأجنبي فله الخيار أيضاً، إن فسخ فذاك، وإن أجاز رجع بالأَرْش على

<<  <  ج: ص:  >  >>