للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنفسه من مال ابنه الصغير، فإنه يتولى طرفي القبض كما يتولى طرفي البيع، وهل يحتاج إلى النقل والتَّحويل في المنقول؟ روى القاضي الماوردي فيه وجهين:

والأظهر: اعتباره كما يعتبر الكيل إذا باع بالكيل.

وقوله في الكتاب: "وليس لأحد أن يقبض لنفسه" يجوز إعلامه بالواو لما رواه المسعودي، ثم هذا اللفظ غير مُجْرى على إطلاقه لما ستعرفه -إن شاء الله تعالى- فيما إذا كان المبيع في يد المشتري.

وقوله: "إلاَّ الوالد يقبض لولده من نفسه، استثناء منقطع، وإلاَّ فهو غير داخل في قبض الإنسان لنفسه من نفسه، هذا تمام الكلام في صورة القبض.

وينبغي أن نتذكر الآن مَا مَرَّ أن إِتْلاف المشتري المبيع (١) قبض، وإنْ لم توجد فيه هذه الصورة.

وقبض الجزء الشَّائع إنما يحصل بتسليم الجَمِيع، ويكون ما عدا المبيع أمانة في يده (٢)، ولو طلب القسمة قبل القبض.

قال في "التتمة": يجاب إليه.

أما إذا جعلنا القِسْمَة إفرازاً فظاهر.

أما إذا جعلناها بيعاً، فإن الرِّضا غير معتبر فيه؛ لأن الشَّرِيك يجبر عليه، وإذا لم يعتبر الرِّضا جاز أن لا يعتبر القبض كما في الشّفْعة. -والله أعلم-.

قال الغزالي: وَأَمَّا وُجُوبُ التَّسْلِيم يَعُمُّ الطَّرَفَيْنِ وَالبَدَاءَةُ بِالبَائِعِ (ح م) فِي قَوْلٍ، وَبِالمُشْتَرِي في قَوْلٍ، وَيَتَسَاوَيَانِ (م ح) فِي أَعْدَلِ الأَقْوَالِ فمنِ ابْتَدَأَ أَجْبَرَ صَاحِبَهُ، فَإِنْ سَلَّم البَائِعُ طَالَبَ المُشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ مِنْ سَاعَتِهِ، فَإِنْ كَانَ مَالُهُ غَائِباً أَشْهَدَ عَلَى وَقْفِ مَالِهِ أَيْ حَجَرَ عَلَيْهِ (و)، فَإِنْ وَفَّى أَطْلَقَ الوَقْفَ عَنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ فَهُوَ مُفْلِسٌ، وَالبَائِعُ أَحَقُّ (ح) بِمَتَاعهِ هَذَا لَفْظُ الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه-، وَهَذَا حَجْرٌ سَبَبُهُ مَسِيسُ الحَاجَةِ إِلَيْهِ خِيفَةَ فَوَاتِ أَمْوَالِهِ بَتصَرُّفِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ امْتِنَاعِ الفَسْخُ بالفَلْسِ، وَقِيلَ بِإنْكارِ الحَجْرِ لَكنَّهُ خِلاَفُ نَصِّ الشَّافِعِيِّ -رضي الله عنه-.


(١) ومما يستثنى أيضاً إذا كان المبيع خفيفاً يتناول باليد فقبضه بالتناول واحتواء السيد عليه، كذا قاله المحاملي وصاحب "التنبيه" وغيرهم لأنه يعد قبضاً. (ينظر الروضة ٣/ ١٨٠).
(٢) محل ما ذكره الشيخ إذا كان الباقي ملك البائع أما لو كان لغيره وتسلمه المشتري بغير إذن شريكه قيده بضمان أما ذكره الشيخ في فتاويه.

<<  <  ج: ص:  >  >>