قال الرَّافِعِيُّ: ومن العوارض اختلاط الثمار المَبِيعة بغيرها لتلاحقها.
أما الاختلاط الذي يبقى معه التمييز فلا اعتبار به.
وأما غيره فإذا باع الثمرة بعد بُدُوِّ الصلاح والشجر يثمر في السّنة مرتين، فينظر إن كان ذلك مما يغلب التّلاحق فيه وعلم أن الحمل الثاني يختلط بالأول، كالتِّين والبَطِّيخ والقِثَّاء والبَاذِنْجَان لم يصح البَيْع إلاَّ بشرط أن يقطع المشتري ثمرته عند خوف الاختلاط. وفيه قول أو وجه: أنه موقوف إن سمح البائع بما حدث تبين انعقاد البيع، وإلاَّ تبين أنه لم ينعقد من أصله، والأصح الأول لما مر في بيع البَطِّيخ، ثم إذا شرط القَطْع ولم يتفق حتى حصل التَّلاحق والاختلاط، فالحكم كما لو اتفق التَّلاَحق فيما يندر فيه التَّلاَحق، فإنْ كان ما يندر فيه التلاحق، وعلم عدم الاختلاط، أو لم يعلم أنه كيف يكون الحَال فيصح البَيْع مطلقاً، وبشرط القَطْع والتَّبقية، وإن حصل الاخْتِلاط فله حالتان:
إحداهما: أنْ يحصل قبل التَّخْلية فقولان:
أحدهما: أنه ينفسخ البيع لتعذر تسليم المَبِيع قبل القَبْض.
وأظهرهما: على رأي المصنف، وهو اختيار المزني؛ أنه لا ينفسخ لبقاء عين المبيع، وإمكان إمْضَاء البيع، فعلى هذا يثبت للمشتري الخيار؛ لأنه أعظم من إِبَاقِ العبد المبيع. وعن صاحب "التقريب" حكاية قول أنه لا خيار أيضاً، وأن الاختلاط قَبْلَ القبض كالاختلاط بعده، والمذهب الأول، ثم إن قال البائع: أسمح بترك الثمرة الجديدة للمشتري، ففي سقوط خياره وجهان:
أحدهما: لا يسقط لما في قوله من المِنَّة.
وأصحهما: وهو المذكور في الكتاب: أنه يسقط كما سبق في الإعراض عن نَعْل الدَّابة المردودة بالعَيْب، ولو باع الثمرة قبل بُدُوِّ الصلاح بشرط القَطْع ثم لم يَتَّفق القَطْع حتى حصل الاخْتِلاط جرى القولان في الانفساخ، وهما جاريان فيما إذا باع حِنْطَة فانهال عليها مثلها قبل القبض، وكذا في المَائِعَات ولو اختلط الثوب بأمثاله أو الشاة المَبِيْعة بأمثالها. فقد قال في "التتمة": المذهب هاهنا انفساخ البيع لأنه يورث الاشتباه وأنه مانع من صحَّة البيع لو فرض في الابتداء، وفي الحِنْطَة غاية ما يلزم الإِشَاعة، وإنها غير مانعة.