والثاني: لك أنْ تستخرج الخلاف في طرف موت الرَّاهن من أصل سيأتي، إن شاء الله تعالى وهو أنَّ التركة الَّتِي تعلّقت بها الديون حكمها حكم المرهون أم لا؟ إن قلنا: نعم، فقد أخذ جميع التركة حكم المرهون، لغى العقد السابق.
وإن قلنا: لا، بقي الرَّهْن لظهور فائدته، ويجوز أن يعكس فيقال: إن قلنا: يأخذ حكم المرهون بقي الرَّهْن لتأكُّده بما عرض.
وإن قلنا: لا، لغى العقد السابق كيلا يتضرَّر الورثة.
الصُّورة الثَّانية: لو جُنَّ أحد المتعاقدين، أو أُغْمِيَ عليه قبل القبض ترتَّب ذلك على الموت.
إنْ قلنا: لا يؤثر الموت، فَالجُنُون أَوْلى.
وإنْ قلنا: يؤثر ففي الجُنُون وجهان:
فإذا قلنا: لا يبطل الرَّهْن، فإن جُنّ المرتهن، قبض الرَّهْن مَنْ ينصبه القاضي قيماً في ماله، فإنْ لم يقبضه الراهن، وكأن الرَّهْن مشروطاً في بيع، فعل ما فيه الحظ من الفَسْخ والإجازة، وإن جن الراهن، فإن كان الرَّهْن مشروطاً في بيع، وخاف القيم فسخ المرتهن إن لم يسلمه، والحظ في الإمضاء سلمه، وإن لم يخف، أو كان الحظ في الفسخ لم يسلمه، وكذا لو كان الرَّهْن رهن تبرع، هكذا أطلقوه وهو محمول على ما إذا لم تكن ضرورة ولا غبطة؛ لأنهما يجوزان رهن مال المجنون ابتداء فالاستدامة أَولى.
الثالثة: لو طرأ الحَجْر على أحدهما لِسَفَهٍ أو فَلَسٍ، فهو لو كما طرأ المجنون، ولكن الخلاف فيه بالترتيب؛ لأن السَّفَهَ لا يوجب سقوط العبارة رأساً والجنون بوجه.
قال الرَّافِعِيُّ: النوع الثالث: ما يعرض في المرهون، وفيه صور:
إحداها: أنه لو رهن عصيراً وأقبضه، فانقلب في يد المرتهن خَمْراً، فلا نقول بأنها مرهونة. وللأصحاب عبارتان: قالت شرذمة: يتوقف إنْ عاد خلاًّ بان أن الرَّهْن لم يبطل، وإلا بان أنه يبطل. وقال الجمهور: يبطل الرَّهْن لخروجه عن كونه مالاً، ولا خيار للمرتهن إنْ كان الرَّهْن مشروطاً في بيع لحدوثه في يده، ثم إذا عاد خَلاًّ يعود الرَّهْن كما يعود الملك.