للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحكى القاضي ابن كَجٍّ عن أبي الطيب بن سلمة؛ أنه يجيء فيه قول آخر: أنه لا يعود الرَّهْن إلاَّ بعقد جديد، وادَّعى أنه مذهب أبي حنيفة، وكان هذا النقل لم يبلغ القاضي حسين، فقال على سبيل الاحتمال: يجوز أن يجعل هذا على قياس عود الخبث، ويخرج فيه مثل ذلك الخلاف.

والمذهب الأول: وهو عود الرَّهْن، وتبين بذلك أنهم لم يريدوا ببطلان الرَّهْن اضْمحلال أثره بالكلية، وإنما أرادوا ارتفاع حكمه ما دامت الخَمْرِيّة.

ولو رهن شاة فماتت في يد المرتهن فدبغ جلدها فوجهان:

أحدهما: وبه قال ابْنُ خَيْرَان، واختاره القاضي الرُّويَانِي أنه يعود الرَّهْن كما لو انقلبت الخَمْر خَلاًّ.

وأظهرهما عند الأكثرين: لا يعود؛ لأن ماليته مَجْلُوبة بالصّنْعَة والمُعَالَجَة، وليس العائد ذلك الملك.

ولو انقلب العَصِيرُ المرهون خمراً قبل القبض، ففي بطلان الرَّهْن البطلان الكلي وجهان:

أحدهما: نعم، لاختلال المحل في حال ضعف الرَّهْن وجوازه.

والثَّاني: لا، كما لو تَخَمَّر بعد القبض وقبضه. وإيراد الأئمة ترجيح هذا الوجه (١)؛ لأنهم قَرَنُوا هذا الخلاف من الخلاف في صورة عُرُوض الجُنُون، أو بنوه عليه فقالوا: إنْ ألحقنا الرَّهْن بالوِكَالَة بطل بعروض الجُنُون، وانقلابه خَمْراً قبل القبض، وإنْ ألحقناه بالبيع الجائز لم يبطل، وقد مَرَّ أن الثاني أظهر.

قال في "التهذيب": وعلى الوجهين لو كان الرَّهْن مشروطاً في بَيْع ثبت للمرتهن الخيار؛ لأن الخَلَّ أنقص من العصير، ولا يصح الإقباض في حال الشِّدة، ولو فعل وعاد خلاًّ، فعلى الوجه الثَّاني لا بد من استئناف قَبْض، وعلى الأول لا بد من استئناف عقد. ثم القبض فيه على ما ذكرنا في انقلاب العَصِير المرهون خمراً قبل القبض.

فرع: إذا انقلب المبيع خمراً قبل القبض، فالكلام في انقطاع البيع وعوده إذا عاد خَلاًّ على ما ذكرنا في انقلاب العصير المرهون خمراً بعد القبض (٢).


(١) قال النووي: قد قطع صاحبا "الشامل" و"البيان" بالأول ولكن الثاني أصح وصححه في "المحرر". ينظر الروضة ٣/ ٣١٣.
(٢) قد قطع صاحبا "الشامل" و"البيان" بالأول ولكن الثاني أصح وصححه في "المحرر". ينظر الروضة ٣/ ٣١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>