ثم إذا انقضت المدة وبيع المرهون قُضِيَ باقي دينه، فإن فَضَلَ شيء فهو للغرماء، هذا كله فيما إذا أجر المرهون من غير المرتهن.
أما إذا أجره منه فيجوز، ولا يبطل به الرَّهْن، وكذا لو كان مكري منه، ثم رهنه منه يجوز. فلو كانت الإجارة قبل تسليم الرَّهْن ثم سلمه عنهما جميعاً جاز.
ولو سلم عن الرَّهْن وقع عنهما جميعاً؛ لأن القبض في الإِجَارة مستحق، كذا قاله في "التهذيب"، ولو سلمه عن الإجارة لم يحصل قبض الرَّهْن، وعند أبي حنيفة الرَّهْن والإجارة لا يجتمعان، والمتأخر منهما يرفع المتقدم ويبطله.
لنا: أن الإعارة من المرتهن لا تبطل الرَّهْن فكذا الإجارة.
وقوله في الكتاب:(كل تصرف قولي) أفهم بالقول أن ما يمنع منه الرَّهْن من التصرفات بعضها قَوْلِيّ وبعضها ليس بِقَوْلِيّ، فإنه قدم التصرفات القَوْلِية، ثم تعرض لغيرها كالوَطْءِ، ويجوز إعلام قوله:(كالإجارة التي لا تنقضي مدتها قبل حلول الدين) بالواو للطريقة الَّتِي قدمناها وفي هذه اللَّفظة شيء، فإن الإجَارة الَّتِي لا تنقضي مدتها قبل حلول الدَّين تارة تنقضي مدتها بعد حلول الدين، وتاَرة معه، والثانية صحيحة، فكان الأولى أن يقول: كالإجارة الَّتِي لا تنقضي مدتها بعد حلول الدين.
واعلم أن ما قدمناه من منع الراهن من البيع ونحوه من التَّصرفات، والحكم بإبطالها هو المذهب الجديد، وعلى القديم الَّذِي يجوز وقف العقود، تكون هذه التَّصَرفات موقوفة على الانفكاك وعدمه، ومال الإمام إلى شيء آخر، وهو تخريجها على الخلاف في بيع المفلس ماله، وسيأتي ذلك إن شاء الله تعالى.
أما الأُولى فالمنقول عن القديم ومختصر المزني الجزم بأنه لا ينفذ إِنْ كان الراهن معسراً، وقولان إن كان موسراً، وعن الجديد الجزم بنفوذه إن كان موسراً، وإن كان معسراً فقولان، فإذا ضرب البعض بالبعض خرجت ثلاثة أقوال: