وأظهرهما: القطع بنفوذه في الحال، والفرق أن العِتْق ثم يسري إلى ملك الغير ولا بُدَّ من تقدير انتقاله إلى المعتق فجاز أن يقول: إنما ينتقل إذا استقر ملك الشريك ويده على العوض، وإعتاق الراهن يصادف ملكه.
وأما المسألة الثَّانية: فينظر إنْ علق عتق المرهون بفِكَاك الرَّهْن نفذ عند الفِكَاك؛ لأن مجرد التَّعْليق لا يضرّ بالمرتهن، وحين ينزل العِتْق لا يبقى له حق، وإن علق بصفة أخرى فإنْ وجدت قبل انْفِكَاك الرَّهْن ففيه الأقوال المذكورة في التَّنْجيز، وإن وجدت بعده فوجهان:
أصحهما: النفوذ؛ لأنه لا يبطل حق المرتهن.
والثاني: لا ينفذ أيضاً لا للتعليق مطلقاً كالتنجيز في قول، والوجهان مشتبهان بالخلاف فيما إذا قال العبد لزوجته: إنْ فعلت كذا فأنت طالق ثلاثاً، ثم عتق ثم فعلته، هل تقع الطلقة الثالثة؟
لكن ذلك الخلاف جارٍ، وإن علق بالعتق فقال: إن عتقت فأنت طالق ثلاثاً، فلا خلاف في تعليق العِتْق بالفِكَاك أنه ينفذ عند الفكاك.
قال الإمام: والفارق أنَّ الطلقة الثالثة ليست مملوكة للعبد، ومحل العتق مملوك للراهن، وإنما منع لحق المرتهن ولعلك لا تنقاد لهذا الفرق، وتقول: العتق غير مملوك للراهن، كما أن الطَّلقة الثالثة غير مملوكة لِلْعَبْد، ومحل الطَّلاق مملوك للعبد كما أنَّ محل العِتْق مملوك لِلرَّاهن فلا فرق، والله أعلم.
فرعان:
أحدهما: لو رهن نصف عبده ثم أعتق نصفه، نظر إنْ أضاف العتق إلى النصف المرهون ففيه الخلاف، وإنْ أضافه إلى النصف الآخر أو أطلق عِتْقَ ما ليس بمرهون، وهل يَسْرِي إلى المرهون؟ إن جوزنا إعتاق المرهون فنعم، وإلاَّ فوجهان:
أصحهما: أنه يسرى أيضاً؛ لأن أقصى ما في الباب تنزيل المرهون منزلة ملك الغَيْر، والعِتْق يسري إلى ملك الغير، وعلى هذا هل يفرق بين الموسر والمعسر؟
قال في "النهاية": قال المحققون: نعم، وفي "التتمة" أنه يسري سواء كان له مال آخر أو لم يكن؛ لأنه ملكه (١).
(١) قال النووي: إذا أعتق المرهون عن كفارته، أجزأه إن قلنا: ينفذ إعتاقه، وإن أعتقه عن كفارة غيره، فلا يعتق لأنه بيع، قاله القاضي حسين في "الفتاوى" انتهى كلام النووي وصورة المسألة أن يكون بسؤال الغير ليكون بيعاً ضمنياً وعبارة القاضي "وإذا اعتق عن الغير بسؤاله إما عن كفارة أو لا عن كفارة لا يجوز لأنه يتضمن البيع وبيع المرهون لا يجوز. ينظر الروضة ٣/ ٣١٨.