قال الرَّافِعِيُّ: عرفت من قبل أنَّ المذهب الصحيح جواز رهن الجَوَاري على الإطْلاق، وعلى هذا فلو كانت الجَارِية المرهونة بِكْراً فليس للراهن وَطْؤها بحال؛ لأن الاَفْتِضَاض ينقص قيمتها، وإن كانت ثَيِّباً فكذلك إن كانت في سن تحبل، لأنها ربما حبلت فتفوت الوثيقة أو تتعرّض للهلاك في الطَّلق، ولنقصان الولادة فليس له أن يقول أَطَأُ وأَعْزِل؛ لأن الماء قد يسبق، وإنْ كانت في سن لا تحبل لصغر أو إِياس فوجهان.
قال أبو إسحاق: له أن يطأها كسائر الانتفاعات التي لا تضر بالمرتهن، وهذا الاختيار للقاضي ابن كَجٍّ، وقال ابن أبي هريرة والأكثرون: يمنع من وطئها احتياطاً لجسم الباب إذ العُلُوق ليس له وقت مَعْلُوم، وهذا كما أن العِدّة تجب على الصَّغِيرة والآَيِسَة، وإن كان القصد الأصلي اسْتِبْراء الرَّحم، ويجري الوجهان فيما إذا كانت حَامِلاً من الزنا؛ لأنه لا يخاف من وطئها الحَبَلُ نعم غَشَيَانُ مثل هذه المَرْأة مكروه على الإطلاق (١).
فلو خالف ما ذكرناه ووطئ فلا حَدَّ ولا مهر، ولكن عليه أَرْشُ البَكَارة إذا افتض أما أنه لا حَدَّ ولا مهر فلأنه أصاب مِلْكه، ويخالف ما لو وطئ المُكَاتَبة حيث يغرم المَهْر لها؛ لأن المُكَاتبة قد استقلْت واضطرب الملك فيها لو زال، ولهذا لو وطئها أجنبي كان المهر لها، ولو وطئ المرهونة أَجْنَبِيّ كان المهر للسَّيد، وأما وجوب أَرْش البَكَارَة فلأن الافتضاض إتلاف جزء، ثم إنْ شاء جعله رهناً، وإنْ شاء صرفه إلى أداء الدَّين، وإذا أولدها فالولد نَسِيب حُرٌّ، ولا قيمة عليه لأن المرتهن لا حق له في ولد