للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَفَقَتُهُ" (١). وروي أنه قال: "الرَّاهِنُ مَحْلُوبٌ وَمَرْكُوبٌ" (٢).

وفي الفصل صور:

إحداها: يجوز السُّكْنَى في الدار وركوب الدَّابة واسْتِكْسَاب العبد ولبس الثوب المرهونة إلاَّ إذا كان ممَّا ينقص باللبس.

الثانية: الفَحْل المرهون يجوز إِنْزَاؤُه على الإناث، كالركوب إِلاَّ إذا أثر ذلك في القيمة، والأُنْثَى يجوز الإنْزَاء عليها كذلك إنْ كان يحل الدَّيْن قبل ظهور الحمل أو تلد قبل حُلُول الدين، فإنْ كان يحل بعد ظهور الحمل وقبل الولادة فإن قلنا: إن الحمل لا يعرف جاز أيضاً؛ لأنها تباع مع الحمل، وإن قلنا: يُعْرَف، وهو الصحيح لم يجز؛ لأنه لا يمكن بيعها دون الحَمْل والحمل غير مرهون.

الثالثة: ليس للراهن أَنْ يبني في الأرض المرهونة، ولا أنْ يغرس؛ لأنه ينقص قيمة الأرض.

وفي "النهاية" ذكر وجه: أنه يجوز إنْ كان الدين مؤجلاً وزرع ما ينقص قيمة الأرض لاستيفاء قوتها ممنوع، وما لا ينقص إنْ كان بحيث يحصد قبل حلول الأجل فلا منع منه ثم إنْ تأخر الإدراك لعارض ترك إلى الإدراك، وإنْ كان بحيث يحصد بعد الحُلُول أو كان الدَّيْن حالاً منع منه لنُقْصَان الرغبة في الأرض المزروعة، وعن الرَّبِيْع حكاية قول: أنه لا يمنع منه، لكن يُجْبَرُ على القَلْعِ عند الحُلُول إن لم يَفِ بيعها مزروعة دون الزَّرع بالدَّيْن، وفي هذا الْتِفَات إلى أن الأرض المزروعة هل يجوز بيعها أم لا؟ ولو خالف ما ذكرناه فَغَرَس أو زرع حيث منعناه منه فلا يقلع قبل حلول الأجل فلعله يقضي الدَّين من موضع آخر، وفيه وجه أنه يقلعه، وبعد حلول الدَّيْن ومَسَاس الحاجة إلى البَيْع يقلع إنْ كانت قيمة الأرض لا تفي بدينه، وتزداد قيمتها بالقلع، نعم لو صار الراهن محجوراً عليه بالإفلاس ففي القَلْع وجهان، بخلاف ما لو نَبَتَ النَّخْل من النَّوَى في حَمِيل السَّيْل حيث جزمنا بأنه لا يقلع في مثل هذه الحالة؛ لأنا منعناه هاهنا فخالف كذا قاله الإمام.

قال الغزالي: وَيُمْنَعُ عَنِ المُسَافَرَةِ بِهِ لِعِظَمِ الحَيْلُولَةِ كَمَا يُمْنَعُ زَوْجُ الأَمَةِ عَنِ السَّفَرِ بِهَا، بِخِلاَفِ الحُرِّ فَإنَّهُ يُسَافِرُ بِزَوْجَتِهِ، وَإِنْ أَمْكَنَ اسْتِكْسَاب العَبْدِ فِي يَدِهِ لَمْ يُنْتَزَعْ مِنْ يَدِهِ جَمْعاً بَيْنَ الحَقَّيْنِ، وَمَهْمَا انْتَزَعَ فَعَلَيْهِ الإِشْهَادُ، إلاَّ أَنْ يَكُونَ عَدَالَتُهُ ظَاهِرَةً فَفِي تَكْلِيفِهِ ذَلِكَ خِلاَفٌ.


(١) أخرجه البخاري (٢٥١٢) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
(٢) أخرجه الدارقطني (٣/ ٣٤) والحاكم (٢/ ٥٨) وقال صحيح على شرط الشيخين والبيهقي (٦/ ٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>