فرع: لا تزال يد البائع عن العبد المحبوس بالثمن بسبب للانتفاع؛ لأن ملك المشتري غير مستقر قبل القبض، وملك الراهن مستقر، وهل يستكسب في يده للمشتري أم تعطل منافعه؟ فيه اختلاف للأصحاب (١).
إحداهما: التصرفات الَّتِي يمنع منها الراهن لحق المرتهن إذا اقترنت بإذن المرتهن نفذت، فإذا أذن له في الوطء حل له الوطء، ثم إنْ وَطئ ولم يُحْبل فالرهن بحاله، وإن أحبل أو أعتق أو باع بالإذن نفذت هذه التَّصرفات وبطل الرَّهْن، ويجوز أن يرجع المرتهن عن الإذن قبل تصرف الراهن كما يجوز للمالك أن يرجع قبل تصرف الوكيل، فإذا رجع فالتَّصرف بعده، كما لو لم يكن إذن ولو أذن في الهِبَة والإقْبَاض ورجع قبل الإقباض صح، وامتنع الإِقْبَاض؛ لأن تمام الهِبَة بالإِقْبَاض، ولو أَذن في البيع فباع الراهن بشرط الخِيَار فرجع المرتهن فوجهان:
أحدهما: يصح رجوعه؛ لأن العقد لم يلزم بعد، كالهِبَة قبل الإقباض.
وأصحهما: المنع؛ لأن مبنى البيع على اللزوم والخِيَار دخيل، وإنَّما يظهر أثره في حق من له الخيار، وفي الهِبَة الركن الأقوى إنما هو الإقباض، ولو رجع المرتهن ولم يعلم به الراهن فتصرف ففي نفوذه وجهان مبنيان على أنَّ الوكيل هل ينعزل بالعزل قبل بلوغ الخبر؟
الأصح: الانعزال، ومهما أحبل أو أعتق أو باع، وقال: فعلته بالإذن وأنكر المرتهن، فالقول قول مع يمينه؛ لأن الأصل عدم الإذن وبقاء الرَّهْن، فإنْ حلف فهو كما لو تصرف بغير إذنه، وإن نكل فحلف الرَّاهِن فهو كما لو تَصَرَّف بإذنه، فإن نكل فهل يرد اليمين على الجارية أو العبد؟ فيه طريقان:
(١) قال النووي: الأرجح استكسابه. ينظر الروضة ٣/ ٣٢٣.