إحداهما، وبه قال ابن القَطَّان: فيه قولان، كما لو نكل الواوث عن يمين الرَّدِّ هل يحلف الغُرَمَاء؟
وأشبههما، وبه قال أبو إسحاق وأبو حامد: القَطْع بالرد؛ لأن الغرماء يثبتون الحق للميت أولاً، والجارية والعَبْد يثبتان لأنفسهما، ولو وقع هذا الاختلاف بنن المُرْتَهِن وورثة الرَّاهن حلفوا على نفى العلم ولو اختلف المرتهن وورثة الراهن حلفوا يمين الرَّد على البَتّ، وهل يثبت إذن المرتهن برجل وامرأتين؟ حكى القاضي ابن كَجّ فيه وجهين، والقياس المنع، كالوِكَالة والوِصَايَة، ولو حصل عند الجارية المرهونة ولد فقال الراهن: قد وطئتها بإذنك فاتت بهذا الولد منى وهي أم ولد، وقال المرتهن: بل هو من زوج أو زنا، فالقول قول الراهن بعد أنْ يسلم له المرتهن أربعة أمور:
أحدها: الإذن في الوطء.
والثَّانى: أنه وطء.
والثالث: أنها ولدت.
والرَّابع: أنه مضى مدة إمكان الولد منه، فإنْ لم يسلم الإذن فقد ذكرنا أن القول قوله، وإنْ لم يسلم أنه وطئ وسلم الإذن فوجهان، الذي ذكره المعظم أن القول قوله أيضاً؛ لأن الأصل عدم الوَطْء وبقاء الرَّهْن.
وقال القاضي ابن كَجٍّ والإمام: الأصح أن القول قول الراهن؛ لأنه أخبر عما يقدر على إنشائه، وإنْ سلمهما وقال: ما ولدته ولكن التقطته فالقول قوله، وعلى الراهن البَيِّنة على الولادة أيضاً، ولو سلم الوِلاَدَة وأنكر مضى الإمكان فالقول قوله أيضاً، ومهما سلم الأمور الأربعة فالقول قول الراهن من غير يمين؛ لأنه إذا أقر بأن الولد منه لم يقبل رجوعه فكيف يحلف عليه، ولو لم يتعرض المُرْتَهن لهذه الأمور منعاً وتسليماً، واقتصر على إنكار الاسْتِيْلاَد فالقول قوله أيضاً، وعلى الرَّاهن إثبات هذه الوسائط.
الثانية: إذا أعتق أو وهب بإذن المرتهن بطل حقه من الرَّهْن سواء كان الدين حالاً أو مؤجلاً، وليس عليه أنْ يجعل قيمته رهناَ مكانه ولو باع بإذنه، والدَّيْن مؤجل فكذلك، خلافاً لأبي حنيفة حيث قال: يلزمه أن يرهن ثمنه مكانه أو يقضي الدَّيْن.
لنا: القياس على الإِعْتَاق والهبة ولو كان الدَّين حالاً قضى حقه من ثمنه وحمل إذنه المطلق على البيع في عرضه، يخطيء وقته، ولو أذن في البيع بشرط أَنْ يجعل الثمن رهناً مكانه فقولان، سواء كان الدين حالاً أو مؤجلاً:
أحدهما: يصح الإذن والبيع، وعلى الراهن الوفاء بالشَّرْط، وبهذا قال أبو حنيفة والمزني وأصحاب أحمد؛ لأن الرَّهْن قد ينتقل من العَيْن إلى البَدَل شَرْعاً، كما لو أتلف المَرْهُون فجاز أن ينتقل إليه شرطاً.
وأصحهما عند المُحَامِلِيّ وصاحب الكتاب أنها فاسدة.