للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فرع منقول عن "الأم": لو أذن المرتهن لِلرَّاهن في ضرب العَبْد المرهون فهلك في الضرب فلا ضمان عليه لتولده من مأذون فيه، كما لو أذن في الوَطْء وأحبل بخلاف ما إِذا ضرب الزَّوْج زوجته أو الإمام إنساناً تعزيزاً؛ لأن المأذون فيه هناك ليس مطلق الضرب وإنما هو ضرب التَّأْديب وهاهنا أيضاً لو قال: أدبه فضربه حتى هلك فعليه الضَّمَان.

قال الغزالي: وَالتَّرِكَةُ إِذَا تَعَلَّقَتِ الدُّيُونُ بِهَا كَالمَرْهُونِ فِي مَنْعِ التَّصَرُّفِ فِيهِ، وَقِيلَ: إِنَّهُ كَالعَبْدِ الجَانِي، فَإِنْ مُنِعَ مِنْهُ فَظَهَرَ دَيْنٌ بِرَدِّ عِوَضٍ بَعْدَ تَصَرُّفِ الوَرَثَةِ فَفِي تَتَبُّعِهِ بِالنَّقْصِ خِلاَفٌ.

قال الرَّافِعِيُّ: لا شَكَّ في أن الدُّيُون على المتوفى تتعلّق بتركته، وفي كون ذلك التَّعلق مانعًا أو أمن الإرث خلاف ذكرناه في الزكاة، وبينا أن الأصح أنه لا يمنع وعلى هذا في كيفيته قولان، ويقال وجهان:

أحدهما أنه كتعلُّق الأَرْش برقبة الجاني؛ لأن كل واحد منهما يثبت شرعاً من غير اختيار المالك.

والثاني: أنه كتعلّق الدين بالمرهون؛ لأن الشارع إنما أثبت هذا التعلّق نظراً للميت لتبرأ ذمته فاللائق به أَلاَّ يسلط الوارث عليه، وهذا أظهر فيما ذكره الإمام وغيره، فلو أُعتق الوارث أو باع وهو معسر لم يصح، سواء جعلناه كالعَبْد الجاني أو كالمَرْهُون، ويجيء في هذا الإعتاق خلاف، وإنْ كان موسراً نفذ في وجه بناء على أن التعلق كتعلّق الأَرْش، ولم ينفذ في وجه بناء على أَنَّ التَّعَلّق كتعلّق الدَّيْن بالمرهون، وحكى الشيخ أَبُو عَلِيّ وجهاً ثالثاً، وهو أنهما موقوفان إن قضى الوارث الدَّين تبينا النفوذ، وإلاَّ فلا، ولا فرق بين أَنْ يكون الدَّيْن مستغرقاً للتركة أو أقل منها على أظهر الوجهين، كما هو قياس الديون والرهون.

والثَّاني: أنه إِنْ كان الدين أقل فقد تصرف الوارث إلى أَنْ لا يبقى إلا قدر الدين؛ لأن الحَجْر في مال كثير بشيء حقير بعيد، وإذا حكمنا ببطلان تصرّف الوارث فلو لم يكن في التَّركة دين ظاهر فتصرف ثم ظهر دين بأن كان قد باع شيئاً وأكل ثمنه فرد بالعيب ولزم رد الثمن أو تردى متردٍ في بئر كان قد احتفرها عدواناً فوجهان:

أحدهما: أنه يتبيّن فساد التصرف إلحاقاً لما ظهر من الدين بالدين المقارن لتقدم سببه.

وأظهرهما: أنه لا يتبين؛ لأنه كان مسوغاً لهم طاهراً فعلى هذا إنْ أدى الوارث الدين فذاك وإلاَّ فوجهان:

أظهرهما: أنه يفسخ ذلك التَّصرُّف ليصل المستحق إلى حقه.

<<  <  ج: ص:  >  >>