والثاني: لا يفسخ، ولكن يطالب الوارث بالدَّين ويجعل كالضَّامن، وعلى كل حال فللوارث أنْ يمسك عَيْنَ التركة، ويؤدي الدُّيُون من خالص ماله، نعم لو كمن الدين أكثر من التركة فقال الوارث: آخذها بقيمتها، والتمس الغرماء بيعها على توقع زيادة راغب فوجهان بنوهما على أن السيد يَفْدي العبد الجاني بأَرْش الجناية، أو بأقل الأمرين من قيمته وأَرْش الجناية.
والأصح: أن المجاب هو الوارث؛ لأن الظاهر أنها لا تشتري بأكثر من القيمة وفي تعلّق حقوق الغرماء بزوائد التركة كالكَسْب والنِّتَاج خلاف يتفرع على ما مر أن الدَّين هل يمنع الميراث إن منعه ثبت التعلّق وإلا فلا (١)؟
وقوله في الكتاب:(ففي بيعه بالنقص خلاف) أراد به أَنَّا هل نتبين الفساد على ما هو مبين "الوسيط"، ويمكن حمله على الخلاف في أَنَّا هل نفسخه تفريعاً على الصحة، واللفظ أقرب إليه، ولا يخفى أنه ليس لهذا الفَصْل كبير تعلُّق بباب الرَّهْن ولا شبه منه بهذا الموضع، لكن صاحب الكتاب اقتدى بإمام الحرمين في إبداع هذا الباب إلاَّ أنه رسمه فروعاً في آخره.
قال الرَّافِعِيُّ: اليد في الرَّهْن بعد لزومه مستحقة للمرتهن، فإنَّ قوام التوثق بها، ولا تزال يده إلا للانتفاع كما سبق، ثم يرد إليه ليلاً، وإن كان العبد ممن يعمل باللَّيل كالحارس فيرد إليه نهاراً، ولو شرطا في الابتداء وضعه في يد ثالث جاز، فربما لا يثق أحدهما بالآخر ولو شرط وضعه عند اثنين فإنْ نصَّا على أن لكل واحد منهما الانفراد بالحفظ، أو على أن يحفظاه معاً في حِرْز اتبع الشرط، وإنْ أطلقا فوجهان لابن سُرَيْج:
أصحهما: أنه ليس لأحدهما أن ينفرد بالحِفْظ، كما لو أوْصَى إلى رجلين، أو وكّل رجلين بشيء لا يستقل أحدهما، فعلى هذا يجعلانه في حِرْز لهما.
(١) قال النووي: سواء تصرف الوارث في جميع التركة أو في بعضها، ففيه الخلاف السابق، وسواء علم الوارث بالدين المقارن، أم لا، قاله الشيخ نصر المقدسي، لأن ما يتعلق بحقوق الآدميين، لا يختلف به. ينظر روضة الطالبين ٣/ ٣٢٦.