والثَّاني: أنه لم يَحْكِ طريقة العراقيين بتمامها، ولم يستوعب مواضع الوِفَاق والخِلاَف بالذَّكْر، ولفظه في تَخْصِيص التَّصْديق بالمودع والوَكِيل بغير جُعْل لا يستمر إلاَّ على أحد الوَجْهَيْن الذين نقلوهما.
وقوله:(لأن المودع وقع الاعتراف بصدقه وأمانته) لا يتضح به الفرق، إذ لا بعد في أن يقال: كل أمين يقع الاعتراف بصدقه وأمانته، والَّذي ذكروه في الفرق أن الوَدِيْعة ائتمان محض لا غرض للآخذ فيها كما مرّ.
ورابعها: لو رهن الغَاصِب المغصوب من إنسان فتلف في يد المرتهن، فللمالك تَضْمِيْنُ الغاصب، وفي تَضْمِييْن المرتهن طريقان.
قاله العراقيون: فيه وجهان لابن سُرَيْج:
أحدهما: أنه لا يطالب بالضَّمَان؛ لأن يده يد أمانة.
وأصحهما: أنه يطالب لتفرغ يده على يد الغاصب، وعدم ائتمان المالك إياه، وعلى هذا فيستقر الضَّمَان عليه أم يرجع على الغاصب؟ فيه وجهان:
وأظهرهما: أنه يرجع لِتَغْرير الغَاصِب إياه وعدم التَّعدِّي منه، هذه طريقة، وعن المَرَاوزة القَطْعُ بالمُطَالَبَة وعدم الاسْتِقْرَار، والطَّرِيقَان جاريان في المُسْتأْجر من الغَاصِب والمودع منه والَمُضَارب والذي دفع المغصوب إليه ووكّله ببيعه، وكل ذلك فيما إذا جهلوا كونه مغصوباً، فإنْ علموا فهم غاصبون أيضاً، والمُسْتَعْيرِ منه والمُسْتَام فيطالبان، ويستقر عليهما الضمان؛ لأن يد كل واحد منهما يد ضمان، وهذه الصور تعود في الغَصْب إن شاء الله تعالى.
وقوله في الكتاب:(وعند العراقيين في مطالبتهم وجهان) يرجع إلى المرتهن والمستأجر والمودع، دون المستعير والمُسْتَام.
ومن الفروع التي تندرج في الفصل: أنه لو رهن بشرط أن يكون مضمونًا على المرتهن يفسد الشرط والرهن، ثم لا يكون مضمونًا عليه.
ومنها: لو قال: خذ هذا الكيس واسْتَوْفِ حقك منه، فهو أمانة في يده قبل أن يستوفى حقه، فإذا اسْتَوْفَى حَقَّه منه كان مَضْمُوناً عليه، ولو قال: وفيه دراهم خُذْه بدراهمك، وكانت الدراهم التي فيه مَجْهُولة القَدْر، أو كَانَتْ أكثر من دراهمه لم يملكه، ودخل في ضمانه بحكم الشِّرَاء الفاسد وَإِنْ كانت مَعْلُومة، وبقدر حقه ملكها، ولو قال: