للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأصحهما: أنه يجب؛ لأنه مسح أبيح لضرورة العجز عن الأصل، فيجب فيه التَّعْمِيم كالمسح في التَّيمم، بخلاف مسح الخُفِّ، فإنه بني على التَّخفيف والتَّرخُّص، وهاتان المسألتان هما اللَّتان أشار إليهما بقوله: "وفي نزوله منزلة المسح على الخف في تقدير مدة وسقوط الاستيعاب وجهان"، وينبغي أن يكون قوله: "فيجب غسل ما صح من الأعضاء والمسح على الجَبِيرَةِ" معلماً بالواو؛ لما سبق حكايته في الغسل والمسح جميعاً.

والثالث: التَّيمم على الوجه واليدين، وفي وجوبه مع الغسل والمسح طريقان:

أظهرهما: أن فيه قولين:

أحدهما: لا يجب؛ لأن المسح على الجَبِيرَةِ ناب عما تحتها فلا حاجة إلى بدل آخر كالمسح على الخُفِّ.

وأصحهما: أنه يجب؛ لحديث جابر -رضي الله عنه- في المَشْجُوجِ الذي احتلم واغتسل فدخل الماء شجته ومات أن النَّبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "إنَّما كَانَ يَكْفِيهِ أَنْ يَتَيَمَّمَ وَيَعْصِبَ عَلَى رَأسِهِ خِرْقَةً، ثُمَّ يَمْسَحَ عَلَيْهَا، وَيَغْسِلَ سَائِرَ جَسَدِهِ" (١).

والطَّريق الثاني: أن ما تحت الجَبِيرَةِ إنْ كان معلوماً بحيث لا يمكن غسله وإن كان بادياً وجب التَّيمم، كالجريح الذي ليس على جرحه شيء، فإنه يتيمم وإن كان يمكن غسله لو كان بادياً فلا حاجة إلى التَّيمم كالمسح على الخُفِّ، واعلم أن المشهور عند أصحاب الطريقة الأولى أن المسألة على قولين وحكوهما جميعاً عن البويطي، ورووا عن "الأم" أنه يتيمم، وعن القديم أنه لا يتيمم، وصاحب الكتاب عبر عن الخلاف بوجهين تقليداً بإمام الحرمين، فإنه كذلك روي فإن قلنا: يتيمَّم تفرع عليه مسألتان:

إحداهما: لو كانت الجَبِيْرَة على موضع التيمم فهل يمسح بالتراب في تيممه؟ فيه وجهان:

أحدهما: نعم محاولة لإتمام التيمم بالمسح (٢) بالتُّراب كما يحاول إتمام الوضوء بالمسح بالماء.

وأصحهما: لا، لأنَّ التُّراب ضعيف فلا يؤثر من وراء حَائِلٍ، بخلاف الماء فإن تأثيره من وراء الحَائِلِ معهود في المسح على الخُفِّ.


(١) أخرجه أبو داود (٣٣٦) والدارقطني (١/ ١٨٩ - ١٩٠) بإسناد كل رجاله ثقات.
(٢) سقط في ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>