بعشرة في ذِمَّتِي، لآخذه منه فإن كان المدعي دينًا، فهو ابتياع دين في ذِمَّةِ الغَيْرِ، وإن كان عينًا فهو شراء غير الغاصِب المَغْصُوب، فينظر في قدرته على الانتزاع وعجزه، وحكم الجانيين مبين في أول البيع، فلو صالَحَهُ وقال: أنا قَادِرٌ على الانتزاع فَوَجْهَانِ:
أظهرهما: أنه يصح العقد، اكتفاء بقوله:
والثَّانِي: لا؛ لأنّ الملك في الظَّاهِر للمدَّعَى عَلَيْهِ، وهو عَاجِزٌ عن انتزاعه، قال الإمام: والوجه أن يفصل فيقال: إن كان الأجنبي كاذبًا فالعقد باطلٌ باطنًا، وفي مؤاخذته في الظاهر. لالتزامه الوجهان، وإن كان صادقًا حكم بصحة العقد باطنًا، وقطع بمؤاخذته لكن لا يزال يد المدعى عليه إلا لحجَّة، وقوله في الكتاب:(وإن جاء أجنبي، وصالح من جهة المدعى عليه، وقال: هو مقر صح، نظرًا إلى توافق المتعاقدين)، أراد الحالة الثانية وهي أن يكون الصُّلْح مع إنكار المدعى عليه ظَاهرًا، على ما أفصح به في "الوسيط"، ويمكن حمله من جهة اللفظ على الحَالَةِ الأولى أيضًا.
وقوله في المسألة بعده:(فيه خلاف) محمول على ما إذا كان المدعى عينًا، وإن أراد تعميم الخِلاَف في العين والدين، كان جوابًا على أَحَدِ الطريقين، ويجوز إعلام قوله:(خلاف) بالواو لما سبق.
فرع: جارٍ مجرى المِثَال لما ذكرناه.
ادعى مدع على ورثة ميت دارًا من تركته، وزعم أن الميت غَصَبَها مِنْه، وأقروا به جاز لهم مصالحته، فإن دفعوا إلى واحد منهم ثوبًا مشتركًا بينهم ليصالح عليه جاز وكان عاقدًا لنفسه ووكيلاً عن الباقين.
ولو قالوا لواحدٍ: صالحه عنا على ثَوْبك، فصالح عنهم فإن لم يُسْمِّهِم في الصُّلْحِ فالصُّلْحُ يَقَعْ عَنْهُ، وإن سَمَّاهم فَوَجْهَانِ في أن التسمية هل تلغى؟ إن لم تلغ فالصُّلْحُ يقع عَنْهُمْ، والثوب هِبَة منهم، أو قَرْضٌ عَلَيْهِم، فيه وَجْهَان، وإن صالحه أَحَدُهُمْ على مال دون إذن الباقين ليملك جميع الدَّار جاز، وإن صالَحَ لِتَكُون الدَّار لَهُ ولهم جميعًا لغى ذكرهم، وعاد الوَجْهَان في أن الكُلَّ يقع له، أو يبطل في نَصِيبهم، ويخرج في نصيبه على الخِلاَف في التفريق والله أعلم.