قال الرَّافِعِىُّ: يشترط في الحق المَضْمُونِ ثلاث صفات: كونه ثابتاً، ولازماً ومعلومَ الصِّفَة.
الأولى: الثبوت، وفيه مَسَائِل:
إحداها: إذا ضمن ديناً لم يجب بعد، وسيجب كقرض أو بيع وما أشبههما، ففيه طريقان حكاهما الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ وغيره.
وأشهرهما وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ: أنه على قولين:
القديم: أنه يَصِح؛ لأنه قد تَمَسّ الحَاجَة إليه، وهذا كما أنه جوز في القديم ضَمَان نفقة يَوْمِ المستقبل، وبهذا قَالَ أبو حنيفة ومالك.
والجديد: المنع، وبه قال أحمد؛ لأن الضمان لو تبعه الحق، فلا يسبق وجوب الحق كالشَّهَادَةِ.
والثاني: وهو اختيار الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ القطع بالمنع، ويخالف ضَمَان النّفقة؛ لأن النفقة على القديم تجب بالعقد، فضمانها ضَمَان وَاجِبٌ لا غير وَاجِب، والمذكور في الكتاب هو الطريقة الأُولَى، ويجوز إعلام قوله:(في الجديد) بالواو للثانية، وإعلام قوله:(لا يصح) بالحاء والميم لما ذكرنا، وذكر الإمام أموراً مفرعة على القديم.
أحدها: إذا قال: ضمنت لك ما تبيع من فلان، فباع الشَّيْءَ بعد الشيء كان ضامناً لِلكُلِّ؛ لأن "ما" من أدوات الشَّرط، فتقتضي التعميم بخلاف ما إذا قال: إذا بعت من فلان فأنا ضَامِنٌ حيث لا يكون ضامناً إلا ثمن مَا بَاعَه أولاً؛ لأن "إذا" ليست من أدوات الشرط.
الثاني: إن شرطنا معرفة المضمون له عند ثبوت الدين فهاهنا أولى وإلا فوجهان، وكذا معرفة المَضْمُون عنه.
الثالث: لا يطالب الضامن ما لم يلزم الدَّيْن على الأَصِيل، وليس له الرجوع بعد لزومه.