قال الرافعي: ولا يشترط في الموكل فيه أن يكن معلوماً من كل وجه، فإن الوكالة إنما جوزناها لعموم الحاجة، وذلك يقتضي المُسَامَحَةَ فيها، ولذلك احتمل تعليقها بالأغرار على رأي، ولم يشترط القبول فيها بالقول، على الفور، ولكن يجب أن يكون معلوماً مبيناً من بعض الوجوه، حتى لا يعظم الغرر، ولا فرق في ذلك بين أن تكون الوكالة عامة، أو خاصة.
أما الوكالة العامة فبين ما نقله الإمام وصاحب الكتاب فيها تصويراً وحكماً، وبين ما نقله سائر الأصحاب بعض التفاوت، ونذكر الطريقين.
قال الإمام، وصاحب الكتاب: لو قال: وكلتك بكل قليل وكثير، ولم يضف إلى نفسه، فالتوكيل باطل؛ لأنه لفظ مبهم بالغ في الأبهام، ولو ذكر الأمور المتعلقة به الذي تجري فيها النيابة، وفصلها، فقال: وكلتك ببيع أملاكي، وتطليق زوجاتي وإعتاق عبيدي صح التوكيل، فلو قال: وكلتك بكل أمر هو لي مما يناب فيه، ولم يفصل أجناس التصرفات، فوجهان:
أحدهما: يبطل، كما لو قال: وكلتك بكل قليل وكثير.
والثاني: يصح؛ لأنه أضاف التصرفات إلى نفسه، فلا فرق بين أن يذكرها بلفظ يعمها، وبين أن يفصلها جنساً جنساً، والأول أظهر.
وإما سائر الأصحاب، فإنهم قالوا: لو قال: وكلتك بكل قليل وكثير، أو في كل أموري أو في جميع حقوقى، أو بكل قليل وكثير من أموري، أو فوضت إليك جميع الأشياء، أو أنت وكيلي، متصرف في مالي كيف شئت، لم تصح الوكالة.
ولو قال: وكلتك ببيع أموالي، واستيفاء ديوني، أو استرداد ودائعى، أو إعتاق عبيدي، صحت الوكالة.