بالمائتين غير المأذون فيه وهو البيع بالمائة، ألا ترى أنه لو قال: بعتك بمائة درهم لم يصح القبول بمائتي درهم، كما لا يصح بمائتي دينار، فهذا صححنا البيع بالمائتين اعتماداً على العرف، فكذلك البيع بالدينار، وعلى هذا الاحتمال، فالبيع بعرض يساوي مائتي دينار يشبه أن يكون كالبيع بمائة دينار.
قال الرافعي: صور المسألة أن يسلم ديناراً إلى وكيله ليشتري له شاة، ووصفها، فاشترى الوكيل شاتين بتلك الصفة بدينار، فينظر إن لم تساو كل واحدة منهما ديناراً لم يصح الشراء للموكل، وإن زادتا معا على الدينار, لأنه ربما يبغي شاة تساوي ديناراً، وإن كان كل واحدة منهما تساوي ديناراً فقولان:
أصحهما: صحة الشراء، وحصول الملك فيهما للموكل, لأنه أذن له في شراء شاة بدينار، فإذا اشترى شاتين، كل واحدة منهما تساوي ديناراً بدينار، فقد زاد خيراً مع تحصيل ما طلبه الموكل، فأشبه ما إذا أمره ببيع شاة بدرهم، فباعها بدرهمين، أو يشتري شاة بدرهم، فاشتراه ابن صف درهم.
والثاني: أنه لاتقع الشاتان معاً للموكل؛ لأنه لم يأذن إلاَّ في شراء واحدة، ولكن ينظر إن اشتراها في الذمة، فللموكل واحدة بنصف دينار، والأخرى للوكيل، ويرد على الموكل نصف دينار، وللموكل أن ينزع الثانية منه، ويقرر العقد فيهما, لأنه عقد العقد له، وإن اشتراهما بعين الدينار، فكأنه اشترى واحدة بإذنه، وأخرى بغير اذنه، فينبني على أن العقود، هل تتوقف على الإجازة؟.
إن قلنا: لا تتوقف على الإجازة بطل العقد في واحدة وفي الثانية قَوْلاً تفريق الصفقة.
وإن قلنا: تتوقف، فإن شاء الموكل أخذهما بالدينار، وإن شاء اقتصر على واحدة، وَرَدَّ الأخرى على المالك، والقول في وضعه مشكل, لأن تعيين واحدة للموكل، أو بطلان العقد فيهما ليس بأولى من تعيين الأخرى، والتخيير مشبه بما إذا باع شاة من شاتين، على أن يتخير المشتري، وهو باطل، ونقل الإِمام -رحمه الله تعالى- فيما إذا اشترى في الذمة قولاً ثالثاً، وهو إن الشراء لا يصح للموكل في واحدة منهما، بل يقعان للوكيل.