إحداها: إذا قال: هذه الدار لك عارية، فهو إقرار بالإعارة، وله الرجوع عنها.
وقال صاحب "التقريب": هي لك إقرار بالملك لو اقتصر عليه، وذكر العارية ينافيه، فيكون على القولين في تَبْعِيضِ الإقرار، وأجابوا، عنه بأن الإضافة بـ"اللام" تقتضي الاختصاص بالملك، أو غيره، فإن تَجَرَّدَت، وأمكن الحمل على الملك حمل عليه؛ لأنه أظهر وجوه الاختصاص، بالملك، وإن وصل بها، وذكر وجهًا آخر من الاختصاص، أو لم يمكن العمل على الملك، كقولنا: الجل للفرس حمل عليه، ولو قال: هذه الدار لك هبة عارية بإضافة الهبة إلى العارية، أو هبة سكنى، فهو كما لو قال: لك عارية، بلا فرق.
الثانية: الإقرار بالهبة لا يتضمن الإقرار بالقبض على المشهور.
وفي "الشامل" ذكر خلاف في المسألة إذا كانت العين في يد الموهوب منه، وقال: أقبضتني.
ولو قال: وهبته، وخرجت منه إليه فقد مر أن الظَّاهر أنه ليس بإقرار بالقبض أيضًا، وكذا لو قال: وهبت منه وملكها كذا قال في "التَّهْذِيْبِ" أما إذا أقر بالقبض مع الهبة، فقال: وهبت وأقبضت، أو سلمته منه، أو حازه منى لزمه الإقرار، عاد، وأنكر القبض، وذكر لإقراره تأويلاً، أو لم يذكر، فهو كما ذكرنا في "الرَّهْن" إذا قال: رَهَنْتُ وأقبضته، ثم عاد وأنكر المذكور في الرَّهْن أنه له تحليفه، وقيل: لا يحلفه إلاَّ أن يذكر للإقرار تأويلاً.
وقوله في الكتاب:"أو رهنت""وأقبضت" كالمكرر؛ لأنه أورده ثم، إلاَّ إنه أورد الخلاف هاهنا فيما إذا ذكر لإقراره تأويلاً، وهناك أجاب بالأصح، وهو أنه يحلف، ولو أقر ببيع أو هبة، وقبض ثم قال: كان ذلك فاسدًا وأقررت لظني الصحة لم يصدق، لكن له تحليف المقر له، فإن نكل حلف المقر، وحكم ببطلان البيع والهبة، ولو أقر بإتلاف مال على إنسان، وأشهد عليه ثم قال: كنت عازمًا على الإتلاف، فقدمت الإشهاد على الإتلاف لم يلتفت إليه بحال، بخلاف ما لو أشهد على نفسه، ثم قال: كنت عازمًا على أن أستقرض منه، فقدمت الإشهاد على الاستقراض لأن هذا معتاد، وذلك غير معتاد.