للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثالث: إقرار أهل كل لغة بلغتهم إذا عرفوها صحيحة، فلو أقر عجمي بالعربية، أو بالعكس، وقال: لم أفهم معناه، ولكن تلقنته فتلقنت صدق بيمينه، إن كان ممن يجوز إلاَّ يعرفه، وكذلك الحكم في جميع العقود، والحلول، وكذا لو أقر، ثم قال: كنت يوم الإقرار صغيرًا، وهو محتمل صدق بيمينه إذ الأصل الصغر، وكذلك لو قال: كنت مجنونًا، وقد عهد له جنون، ولو قال: كنت مكرهًا، وثم أمارات الإكراه من حبس أو توكيل، فكذلك، وإن لم تكن أمارة لم يقبل قوله، والأمارة إنما تثبت بإقرار المقر له، أو بالبينة، وإنما تؤثر إذا كان الإقرار لمن ظهر منه الحبس والتوكيل، أما إذا كان في حبس زيد لم يَقْدَحْ ذلك في الإقرار لعمرو، ولو شهد الشهود على إقراره، وتعرضوا لبلوغه، وصحّة عقله، واختياره، فادعى المقر خلافه لم يقبل لما فيه من تكذيب الشهود، ولا يشنرط في الشهادة التعرض للبلوغ، والعقل والطواعية، والحرية والرشد، ويكتفي بأن الظاهر وقوع الشهادة على الإقرار الصحيح، وفي مجهول الحرية قول أنه يشترط التعرض للحرية، وخرج منه اشتراط التعرض لسائر الشروط، والمذهب الأول.

قال الأئمة: وما يكتب في الوثائق أنه أقر طائعًا مع صحة عقله، وبلوغه احتياط، ولا تقيد به شهادة الإقرار لكونه طائعًا، وأقام الشهود عليه بينة على كونه مكرهًا قدم بينة الاكراه، ولا تقبل الشهادة على اجمراه مطلقًا، بل لا بد من التفصيل.

وقوله في الكتاب في مسألة التلقين "تقبل دعواه بالتحليف" إنما يذكر هذا اللفظ فيما لا يصدق فيه الشخص، لكنه يحلف فيه الخصم، وهاهنا هو مصدق على ما بينا والله أعلم بالصواب.

قال الغزالي: (الرابعة): إِذَا قَالَ: الدَّارُ لِزَيْدٍ بَل لعَمْرٍو وَسلَّمَ إلَى زَيْدٍ وَيُغَرَّمُ لِعَمْرو في أَقْيَسِ القَوْلَيْنِ، وَلَوْ قَالَ: غَصَبْتُهَا من زَيْدٍ وَمِلْكهَا لِعَمْرٍو ويَبْرَأُ بِالتَّسْلِيمِ إلَى زَيْدٍ فَلَعَلَّهُ مُرْتَهِنٌ أَوْ مُسْتَأجَرٌ.

قال الرافعي: فيها مسألتان:

إحداهما: إذا قال: غصبت هذه الدار من زيد، لا بل من عمرو، أو قال: غصبت هذه الدار من زيد، وغصبها زيد من عمرو، أو قال: هذه الدار لزيد، لا بل لعمرو، فنسلم الدار لزيد، وهل يغرم المقر قيمتها لعمرو؟

فيه قولان منصوصان:

أحدهما: وهو الذي نقله في "المختصر" في الصورة الأولى أنه لا يغرم؛ لأنه اعتراف للثاني، بما يدعيه، وإنما منع الحكم من قبوله، وأيضًا فإن الإقرار الثاني صادف

<<  <  ج: ص:  >  >>