للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هِلْ يَضْمَنُ؟ فِيهِ خِلاَفٌ، والمُسْتَعِيرُ مِنَ الغَاصِبِ يَسْتَقِرُّ عَلَيْهِ الضَّمَانُ إِذَا تَلَفَ تَحْتَ يَدِهِ وَلَوْ طُولِبَ بإجْرَةِ المَنْفَعَةِ فَمَا تَلَفَ تِحْتَ يَدِهِ فَلاَ خِلاَفَ فِي قَرَارِ ضَمَانِهِ عَلَى المُعِيرِ، وَمَا تَلَفَ باِسْتِيفَائِهِ فَقَوْلانِ لأنَّهُ مَغْرُورٌ فِيهِ.

قال الرافعي: من أحكام العارية الضمان، والكلام في الضمان رد العين والإجزاء، أما ضمان الرد فمعناه أن مؤنة الرد على المستعير: قوله -صلى الله عليه وسلم-: (عَلَى اليَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تؤَدِّيَهُ) (١).

وأيضاً فإن الإعارة نوع بر ومعروف فلو لم تجعل مؤنة الرد على المستعير لامتنع الناس من الإعارة.

وأما ضمان العين، فإنها إذا تلفت في يد المستعير ضمنها (٢)، سواء تلفت بآفة سماوية أو بغفله بتقصير، أو من غير تقصير، وبه قال أَحْمَدُ وقال أَبُو حَنِيفَةَ: لا يضمن إلاَّ إذا تَعَدَّى فيها. وعن رواية الشيخ أَبي عَلِيٍّ أن الشَّافعي -رضي الله عنه- قولاً مثله في "الأمَالِي". ووجه ظاهر المذهب الخبر المذكور في صدر هذا الباب، وأيضاً فإنه مال يجب رده إلى مالكه، فتجب قيمته عند التلف، كالمأخوذ على سبيل السَّوْمِ، وأيضاً


(١) (أبو داود ٣/ ٢٩٤) - حديث (٣٥٦١) - (والترمذي ٣/ ٥٦٦) - (وابن ماجة ٢/ ٨٠٢) حديث (٢٤٠٠) وأحمد في المسند ٥/ ٨ - ١٣) - (والحاكم ٢/ ٤٧)، وقال: صحيح الإسناد على شرط البخاري وأقره الذهبي.
(٢) منها المستعير من المستأجر كما سيذكر المصنف.
ومنها المستعير من الموصى له بالمنفعة كما ذكره الشيخ، وهذا لا ضمان على المرتهن كما قاله في الأشراف والروياني في الفروق.
ومنها: المستعير ليرهن إذا قلنا أنه عارية، لكن الأصح أنه ضمان في رقبة المرهون.
ومنها: أعار من سفيه.
قال الأذرعي: قال شريح الروياني أنه لا يضمن.
ومنها: إعارة الحر لا يضمن بالتلف عند المستعير.
قال الأذرعي: بلا شك.
ومنها: لو استعار صيداً من محرم، لم يضمنه على الأصح.
ومنها: لو أعار الإمام شيئاً من المال لمسلم فتلف في يده أو أتلف بلا تقصير منه. قال الزركشي: الظاهر عدم الضمان.
وقال الأذرعي: في الضمان نظر، قال في الخادم ومثله: لو استعار فقيه كتاباً موقوفاً على المسلمين فسرق منه لأنه أحد المستحقين، وقد ذكر المصنف في زوائده في باب الوقف ما يؤيده.
ومنها: لو استعار عبداً مرتداً فتلف في يده، لم يضمنه.
قال في الخادم: هذا هو القياس لأنه لو أتلفه لم يضمنه، فكذا إذا تلف يده.

<<  <  ج: ص:  >  >>