للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إجارة، ويمكن أن يقرر وجه ثالث فارق بين التملك بالقيمة فيقال: إذا إختاره المعير أجبر المستعير، وهو كتملك الشفيع الشقص بهذا، وبين الإبقاء بالأجرة، فيقال: إنه لا بد فيه من رضا المستعير، ويستخرج هذا الفرق من قول من يقول من الأصحاب بتخير المُعِيْر بين خصلتين القلع، وضمان الأرش والتمليك بالقيمة، وهذا ما ذكره القَاضِي أَبُو عَلِيَّ الزجاجي وأكثر العراقيين وغيرهم، ويشبه أن يكون هذا أظهر في المذهب (١)، والمعنى المرجوع إليه في الباب أن العارية مكرمة ومبرة ولا يليق بها منع المعير من الرجوع، ولا تضييع مال المستعير، فأثبتنا الرجوع على وجه لا يتضرر به المستعير، وربطنا الأمر باختيار المعير لأنه الذي صدرت منه هذه المكرمة، ولأن ملكه الأرض وهي أصل والبناء والغراس فرع تابع لها، وكذلك يتبعها في البيع.

فإذا عرفت ما ذكرناه أعلمت قوله: "فأيها أراد أجبر المستعير عليه" بالواو.

وأما قوله: "فإن أبى كلف تفريغ لملك"، فاعلم أن من فوض الأمر إلى اختيار المعير في الخِصَال الثلاثة، قال منه الاختيار، ومن المستعير الرضا وإسعافه بما طلب، فإن لم يسعفه كلفناه بتفريغ أرضه.

ومن اختار رضا المستعير, والتمليك بالقيمه والإبقاء بالأجرة فلا يكلفه التفريغ بل


(١) ما رجحه المصنف -رحمه الله- هو المذهب، وفي "المنهاج" التخيير بين أن يبقيه بأجرة أو يقلع ويضمن أرش النقص. وشوحج الشيخ في ذلك حتى قال الزركشي أنه لم يكن وجهاً ثابتاً فضلاً عن أن يكون المرجح، وللتخيير شروط:
أحدها: أن لا يكون لصاحب البناء شركة في رقبة الأرض أو منفعتها، فإن كانت تعين الأبقاء بالأجرة كما نقله الشيخ المصنف عن المتولي.
ثانيها: ألا يكون البناء والغراس وقفًا، فلو وقفه صح وبقي التخيير بين التبقية بأجرة والقلع مع ضمان النقص وتعذر تملكه بالقيمة.
ثالثها: أن لا تكون الأرض موقوفة فإن كانت تعين الإبقاء بأجرة كما أفتى به الشيخ ابن الصلاح.
رابعها: أن يكون وضع بحق، فإن وضع بغصب أو شراء فاسد تعين التملك بالقيمة على الأصح لإمكان القطع مجازاً.
خامسها: أن يكون في غير الزرع، أما الزرع فيبقى بأجرة؛ لأن له أمدًا ينتظر.
سادسها: أن يكون تابعاً لأرض، فأما الجذوع على الجدار فليس فيها التملك بالقيمة لأن الجدار لا يصلح للأستتباع.
سابعها: أن يكون في نحو بناء أو غراس، أما الزرع فلا.
ثامنها: أن يكون الغراس مما يراد للدوام، أما الشتل الذي ينقل في عامه فكالزرع.
تاسعها: أن لا يكون على الشجر ثمر لم يبد صلاحه، فإن كان فلا يخير في الخصال كما في الزرع؛ لأن له أمدًا كما قاله القاضي حسين في كتاب الصُّلْح.

<<  <  ج: ص:  >  >>