للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه ماله، وهو مِثْلِي ورد ماله، وهو متقوم، فيطالب بموجب ما شاء من الحالتين.

وأما القسم الثاني: فهو كما لو غَصَبَ حِنْطَة وطحنها، وتلف الدقيق عنده، أو جعله خبزاً، أو أكله وقلنا: لا مثل للدقيق والخبر أو غصب تمراً، واتخذ منه الخَلّ بالماء. فعلى جواب العراقيين يضمن المثل، وهو الحنطة.

وعلى ما أورده في "التهذيب" إن كان المتقوم أكثر قيمة غرمها، وإلاَّ غرم المثل.

وعن القاضي الحُسَيْنِ: أنه يغرم أقصى القيم، وليس للمالك مطالبته بالمثل؛ لأن التلف حصل، وهو متقوم، وعلى هذا فإذا قيل: من غصب حنطه في الغلاء، وبقيت عنده إلى التلف، وغرمه المالك في وقت الرخص يغرم المثل، أو القيمة؟ لم يصح إطلاق الجواب بالمثل، ولا القيمة.

بل الصواب أن يفصل فيقال: إن تلفت، وهي حنطة غرمه المثل، وإن صارت إلى حالة التقويم، ثم تلفت، ويقال: كأن القاضي قد لقن المسألة الرئيس أبا عَلِيٍّ المنيعِيَّ (١) ليغالط بها فقهاء "مرو" فغلط من أطلق الجواب منهم.

وأما القسم الثالث: فكما لو غصب سمسماً، واتخذ منه شريجاً (٢)، ثم تلف عنده، ونقل العراقيون وصاحب الكتاب أن المالك بالخيار، فيغرمه ما شاء منهما.

وفي "التهذيب" أنه إن كان أحدهما أكثر قيمة غرم مثله، وإلاَّ تخير المالك، وأخذ ما شاء منهما.

وظاهره يقتضي إثبات خلاف في التخير إذا كان أحدهما أكثر قيمة والله أعلم.

وأما القسم الرابع فحكمه بَيَّنٌ، وهو وجوب أقصى القيم في الحالتين.

المسألة الثانية: إذا لزمه المثل، فعليه تحصيله إن وجده بثمن المثل، وإذا لم يجده إلاَّ بما فوقه فوجهان:


(١) حسان بن سعيد بن حسان بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن محمد بن منيع بن خالد بن عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي، الرئيس أبو علي المنيعي، الحاجَّيّ، أما المنيعي فنسية إلى جده منع بن خالد، وأما الحاجي فلغة الحجم في النسبة إلى من حج، يقولون للحاج إلى بيت الله الحرام: حَاجِّيّ. وكان الرئيس أبو علي، من أهل مَرْوَ الرُّوز، وكان في أول أمره تاجراً، إلى أن نما ماله، وتزايدات النعم عليه، وعلت منزلته، وصار مشاراً إليه عند السلاطين وفَّقه -الله تعالى-، فحج إلى بيت الله الحرام، ثم عاد، وأنفق أموالاً جزيلة في بناء المساجد، والرُّبُط، وتنوع في المعروف، وبنى جامعاً بمَرْوَ الرُّوزْ، تقام فيه الجمعة والجماعة .. قال عبد الغافرة عمَّ الآفاق بخيره، وبِرِّه. ينظر طبقات الشافعية الكبرى ٤/ ٢٩٩ - ٣٠٠.
(٢) الشريج إحدى فلقتى الحود بعد أن يشق.

<<  <  ج: ص:  >  >>