للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تغريمه: كما هلك رده وأرش النقصان.

تخيير: المالك تخيير الغاصب.

وإذا قلنا بالأول، فقد أورد أبُو سَعِيدٍ المُتَوِّلى وجهين (١) في أن الحنطة المبلولة لمن تكون؟

أحدهما: تبقى للمالك كيلا يكون العدوان قاطعاً حقه، كما لو نجس زيته، وقلنا: إنه لا يطهر بالغسل، فإن كونه للمالك أولى به.

والثاني: أنها تصيير للغاصب؛ لأنا ألحقناه بالهلاك في حق المالك، ولو هلك لم يكن للمالك غير ما أخذه ضماناً، وكذلك هاهنا، وإذا حكمنا بتغريمه الأرش مع الرد، فإنه يغرم أرش عيب سارٍ، وهو أكثر من أرش الفائت.

ثم قال الشيخ المتولى: إن رأى الحاكم أن يسلم الجميع إليه فعل، وإن رأى سلم أرش النقص المتحقق في الحال إليه، ووقف الزيادة إلى أن تتيقن نهايته، وفي هذا توقف؛ لأن المعقول من أرش العيب الساري أرش العيب الذي شأنه السّرَاية، وأنه حاصل في الحال.

أما المتولد منه، فيجب قطع النظر عنه، إذ الكلام في النقصان الذي لا تقف سرايته إلى الهلاك، فلو نظرنا إلى المتولد معه لا نجر ذلك إلى أن يكون أرش العيب الساري تمام قيمته، وهو عود إلى القول الأول، وقد بَيَّنَ في "شرح المفتاح" الشيخ أبُو حَامِدٍ السلمي ذلك، فإنه قال في التعبير عن قول التخيير: إن شاء المالك ضمنه ما نقص إلى الآن، ثم لا شيء له من زيادة فساد تحصل من بعد، وإن شاء تركه، إليه، وطالبه بجميع البدل. ومن صور النوع الثاني ما إذا صَبَّ الماء في الزيت، وتعذر تخليصه منه، فأشرف على الفساد.

وعن الشيخ أَبِي مُحَمَّدٍ تردد في مرض العبد المغصوب، إذا كان سارياً عسر العلاج، كالسل والاستسقاء، ولم يرتضه الإمام؛ لأن المرض الميئوس منه قد يبرأ، والعفن المفروض في الحنطة يفضي إلى الفساد لا محالة (٢).

وقوله في الكتاب: "وفيه قول مخرج" لم أجد غيره يصفه بكونه مخرجاً، وقد


(١) قال الزركشي: أشار صاحب "التتمة" إلى ترجيح أنه للمالك.
(٢) ولو عفن الطعام في يده لطول المكث فطريقان. قال الشيخ أبو حامد: هو كَبلِّ الحنطة. وقال الماضي أبو الطيب: يتعين أخذه مع الأرش قطعاً وأختاره ابن الصباغ وهو الأصح. ينظر الروضة ٤/ ١٢٤ - ١٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>