قال الرافعي: مقصود الفصل الكلام في جناية العبد المغصوب، وسب ذكره في هذا الموضع أن الجناية أحد أنواع النقصان، ونحن نذكره، ونضم إليه حكم الجناية عليه.
أما جنايته، فينظر إن جنى بما يوجب القصاص، واقتص منه في يد الغاصب، غرم الغاصب أقصى قيمة من يوم الغَصْب إلى الأقتصاص، وإن جنى بما يوجب القصاص في الطرف، واقتص منه في يده غرم بدله، كما لو سقط بآفة سماوية ولو اقتص منه بعد الرد إلى السيد، غرم الغصب أيضاً؛ لأن سبب الفوات حصل في يده، وكذا الحكم لو ارتد، أو سرق في يد الغاصب، ثم قتل، أو قطع بعد الرد إلى المالك، ولو غصب مرتدّاً أو سارقاً، فقتل أو قطع في يد الغاصب، هل يضمنه الغاصب؟
في "النهاية" أنه على الوجهين، في أنه إذا اشترى مرتدّاً أو سارقاً، فقتل، أو قطع في يد المشترى، فمن ضمان من يكون القطع والقتل؟ ولو جنى المغصوب على نفس، أو مال جناية توجب المال متعلقاً برقبته، فعلى الغاصب تخليصه بالفداء.
قال الإمام: وبم يفدية بأرش الجناية بالغاً ما بلغ، أو بأقل الأمرين من الأرش، ومن قيمة العبد فيه قولان، كما إذا أراد المالك تخليص العبد الجاني، وفداه، قال: وهذا؛ لأن وجوب بذل الأرش بتمامه في حق المالك، ووجهه أنه امتنع من البيع، ولو رغب فيه ربما. وقع الظفر بمن يشتريه بمقدار الأرش، ومثل هذا موجود في حق الغاصب؛ لأنه بالغصب مانع ملكه من بيعه وينزل ذلك منزله المالك المانع، ويترتب عليه تضمينه المجني عليه، وهذا ما أشار إليه صاحب الكتاب بقوله:"كما يضمن المالك إذا منع اليع، وكأنه الغاصب مانع".
ولك أن تقول: لو كان يضمنه للمنع من البيع أسقط الضمان إذا رده إلى المالك لارتفاع الحيلولة، ولا يسقط بل لو بيع في الجناية بعد الرد إلى المالك، غرمه الغاصب