للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الرافعي: إذا خصى (١) العبد المغصوب فهو على القولين السابقين، في أن جراح العبد، هل تتقدر؟ إن قلنا بالجديد، وهو أنه يتقدر لزمه كمال القيمة.

وإن قلنا: لا يتقدر فالواجب ما نقص من القيمة (٢)، فإن لم ينقص شئ، فلا شيء عليه، ولو سقط ذلك العضو بآفة سماوية، وزادت قيمتة ورده، فلا شيء عليه على القولين، نعم قياس الوجه الذي قدمناه في أنه يضمن بالتلف تحت اليد العادية، كما يضمن بالجناية أن يجب كمال القيمة، فلو كان بالجارية سمن، فزال ورجع إلى حد الاعتدال، ولم تنقص قيمتها لم يلزمه شيء؛ لأن السمن ليس له بدل مقدر، بخلاف الانثبيين، ويجوز أن يعلم لما ذكرناه قوله: "فعليه كمال قيمته" -بالواو- وكذا قوله: "فلا شيء عليه" والله أعلم.

قال الغزالي: وَلَوْ عَادَ الزَّيْتُ بِالإغْلاَءِ إلَى نِصْفِهِ ضَمِنَ مِثْلَ نِصْفِهِ وَإِنْ لَمْ تَنْقُصِ القِيمَةُ لأَنَّ لَهُ مِثْلاً، وَكَذَا في إغْلاَءِ العَصِيرِ، وَقَالَ ابْنُ سُرَيْجٍ: لاَ يُضْمَنُ في العَصِيرِ لأَنَّ الذَّاهِبَ مَائِيَّةٌ غيرُ متَمَوَّلَةٍ بِخلاَفِ الزَّيْتِ.

قال الرافعي: إذا غصب زيتاً أو دهناً فأغلاه، فأما أن تنقص عينه، أو قيمتة، أو كلاهما، أو لا ينقص واحد منهما، فإن نقصت عينه، دون قيمتة، كما إذا غصب صاعين قيمتهما درهمين، فعادا بالإغلاء إلى صاع قيمتة درهمان، ففيه وجهان

أحدهما: ويروى عن صاحب "التلخيص" أنه يرده، ولا غرم عليه؛ لأن ما فيه من الزيادة والنقصان استند إلى سبب واحد، فيجبر النقصان بالزيادة.

وأصحهما، وهو المذكور في الكتاب أنه يرده، ويغرم مثل الصاع الذاهب؛ لأن للزيت بدلاً مقدراً، وهو المثل، فصار كما لو جنى وخصى العبد، والزيادة الحاصلة أثر محض لا ينجبر به النقصان، كما لا يستحق به الغاصب شيئاً، إذا لم يكن نقصان.

وإذا نقصت قيمتة، دون عينه رده مع أرش النقصان.

وإن انتقصا جميعاً، فالواجب عليه مع رد الباقي مثل ما ذهب بالإغلاء، إلاَّ إذا كان ما نقص من القيمة أكثر مما نقص من العين، فيلزمه مع الذاهب أرش نقصان الباقي، وإن لم ينقص واحد منهما رده، ولا شيء عليه.

ولو غصت عصيراً وأغلاه، فهل هو الزيت حتى يضمن مثل الذاهب، إذا لم تنقص القيمة.


(١) بأن قطع أنثييه دون ذكره.
(٢) بناء على أن جراح العبد تتقدر وهو الجديد، كما هو الوضع من كلام المصنف -رحمه الله-.

<<  <  ج: ص:  >  >>