للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

محمد بن يحيى أن ذلك في البيع المستقر قيمته في البلد كالخبز واللحم، وأمَّا الثياب والعبيد، وما يختلف قدر الثمن فيه باختلاف المتعاقدين، فيختص بيعها من البياع بمزيد منفعة وفائدة، فيجوز الاستئجار (١)، وعليه فهذا لم يجز الاستئجار، ولم يلحق البياع تعب فلا شيء له، وإن تعب بكثره التردد، أو كثرة الكلام في تأليف أصل المعاملة، فله أجرة المثل، لا ما تواطأ عليه البياعون.

الرابعة: في استئجار الكلب المعلَّم للحراسة والصيد وجهان:

أحدهما: الجواز كاستئجار الفَهْد والبَازِيَّ والشبكة للاصطياد، والهِرَّة لدفع الفأرة.

وأصحهما: المنع؛ لأن اقتناءه ممنوع إلاَّ لحاجة، وما جوز للحاجة لا يجوز أخذ العوض عليه وأيضاً فإنه لا قيمة لعينه، وكذلك لمنفعته (٢).

قال الغزالي: أَمَّا المتَقَومَّ دُوُنَ العَيْنِ مَعْنَاهُ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الكَرْمِ والبُسْتَانِ لِثِمَارِهَا وَالشَّاةِ لِنتَاجِهَا وَلَبَنهَا وصَوُفِهَا بَاطِلٌ فإنَّهُ بَيْعُ عَيْنٍ قَبْلَ الوُجُودِ، واسْتِئْجَارُ الشَّاةِ لإرْضَاعِ السَّخْلَةِ بَاِطِلٌ وَاسْتِئْجَارُ المَرْأةِ لِلإِرْضَاعِ مَعَ الحَضَانة جَائزِ، وَدُونَ الحَضَانَةِ فَخِلاَفٌ، وَالأَوْلَي الجَوَازُ لِلحَاجَةِ، واسْتِئْجَارُ الفَحْلِ للضِّرَاب فِيهِ خِلاَفٌ، وَالأَوْلَى المَنْعُ لأنَّهُ لاَ يُوثَقُ بِتَسْلِيمِهِ عَلَى وَجْهٍ يَنْفَعُ، أَمَّا القُدْرَةُ عَلَى التَّسْلِيمِ نَعْنِي بِهِ أَنَّ اسْتِئْجَارَ الأَخْرَسِ لِلتَّعْلِيِم وَالأَعْمىَ لِلحِفْظِ بَاطِلٌ لأِنَّ المقْصُودَ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَوِ أسْتأْجَرَ قِطْعَةَ أَرْضٍ لاَ مَاءَ لَهَا لِلزِّرَاعةِ فَهُوَ بَاطِلٌ، وإِنِ اسْتَأَجَرَ لِلسُّكْنَيِ فَجَائِزٌ، فَإِنْ أَطلَقَ وَكَانَ في مَحَلٍّ يَتَوَقَّعُ الزِّرَاعَةَ كَانَ كَالتَّصرِيحِ بِالزِّرَاعَةِ، وإِنْ كَانَ المَاءُ مُتَوَقِّعاً وَلَكِنَ عَلَى النّدُورِ فَفَاسِدٌ بِنَاءً عَلَى الحَالِ، وإِنْ كَانَ يَعْلَمُ وجُودَ المَاءِ فَصَحِيحٌ، وَإِنْ كَانَ يَغْلِبُ وُجُودُ المَاءِ بَالأَمْطَارِ فَالنَّصُّ أَنِهُ فَاسدٌ نَظَراً إِلى العَجزِ في الحَالِ، وَقِيلَ: إِنَهُ صَحِيحٌ إِذ انِقْطَاعُ الشُّرْبِ العِدِّ وَالمَاءِ الجَارِي أيضاً مُمِكْنٌ، وإِنِ اسْتَأْجَرَ أَرضاً وَالمَاءُ مُسْتَوٍ عَلَيْهَا في الحَالِ وَلاَ يَعْلَمُ انْحِسَارَهُ فَهُوَ بَاطِلٌ، وإِنْ عِلمَ انْحِسَارَهُ فَهُوَ صَحيِحٌ (و) إنْ تَقَدَّمَتْ رُؤْيَةُ الأَرْضِ أَوْ كَانَ المَاءُ صَافِياً لاَ يَمْنَعُ رُؤيَةَ الأَرْضِ.

قال الرافعي: ترجمة هذا الفصل (٣) هاهنا، وفي الفصل السابق يكون المنفعة


(١) جزم ابن الرفعة به وقال في القوت: وما استدركه ابن يحيى ليس الأجرة فيه مجرد الكلمة بل عليها وعلى المساومة والمماكسة قال ابن الرفعة: ومحل الصحة إذا كان البيع من غير معين فإن كان من معين لم يصح أي وإن حصل فيه تعب.
(٢) في أفلا قيمة لمنفعته.
(٣) في ط هل الشرط.

<<  <  ج: ص:  >  >>