وعن الشيخ أَبي بكر الطوسي (١) ترديد جواب في الاستئجار لإِعادة الدروس.
قال الإمام: لو عين شخصاً أَو جماعة ليعلِّمهم مسأَلة، أَو مسائل مضبوطة، فهو جائز والذي أَطلقوه، فهو محمول على استئجار من يتصدى للتدريس من غير تعيين من يعلمه وما يعلمه؛ لأَنه كالجهاد في أَنه إِقامة مفروض على الكفاية ثابت على الشيوع,. وكذلك يمتنع استئجارُ مقرئ يُقرئٍ على هذه الصورة.
قال: ويحتمل أَن يجوز الاستئجار له، ويشبه الأَذان، وللمنع وراء ما ذكره مأخذ آخر وهو أَن عمله غير مضبوط كما ذكرناه في القاضي.
وقوله في الكتاب:"وللإِمام أَن يستأجر أَهل الذمة للجهاد" يجوز أَن يعلم -بالواو- لوجه ذكره في السير سينتهي إِليه الشرح إِن وفق الله تعالى.
وقوله:"ليحصل للمستأجر فائدة معرفة الوقت". هذا التوجيه مبني على جواز الأَخذ بقول المؤذن والاعتماد عليه، ثم قضية الاكتفاء بحصول فائدة المستأجر دون أَن تحصل له كل الفائدة، ويلزم منه تجويز الاستئجار للإمامه؛ ليحصل للمستأجر فضيلة الجماعة. وقوله:"فيما يحمله فكل منفعة متقومة .. " إلى آخره. قريب من قوله في أَول الركن:"متقومة لانضمام عين إِليها ... " إلى آخره. وهما في ظاهر الأمر كضابطين يتأدى بهما معنى واحد، لكن ينبغي أن يتنبه فيه لشيئين:
أحدها: أن التعرض للمتقوم مغنٍ عن قوله: "يلحق العامل بها كلفة"؛ لأَن ما لا كلفة فيه لا يتقوم كما سبق.
والثاني: أَنه وإِن أَطلق لفط. المنفعة، لكن المراد هاهنا الأَعمال التي يستأَجر لها الأَجراء، وإلا لم ينتظم قوله "يلحق العامل فيها كلفة"، أَوْ لا مجال لمفهومه في منفعة لبس الثوب، وسكون الدار، وقد صرح بذلك في "الوسيط" فقال: كل عمل معلوم متاع يلحق العامل فيه كلفة .... " إلى آخره، وكذلك حكاه الإمام عن القاضي الحسين، ثم هذا الضابط سواء كان ضابطاً لمنفعة، أَو لمنافع أَبدان الأجراء لا اختصاص له بهذا الموضع، وذكره في غير هذا الموضع أَحسن، والله أعلم.
(١) أبو بكر محمد بن بكر الطوسي النوقاني تفقه بنيسابور على يد السرخسي وببغداد علي أبي محمد الباقي وكان إمام أصحاب الشافعي بنيسابور توفي بنوقان سنة عشرين وأربعمائة قاله ابن الصلاح في طبقاته. طبقات الإسنوي ٢/ ٥٧ ونقل عن هذا القول.