الصبرة بخلاف ما إذا قال: بعتك هذه الصُّبرة كل صاع بدرهم.
وكان ينبغي أن يفترق بين أن يقول: بعتك كل صاع من هذه الصبرة بدرهم، فيجعل كما لو قال: بعتك هذه الصُّبرة كل صاع بدرهم، ويصح العقد في الجميع وبين أن يقول: بعتك من هذه الصبرة كل صاع بدرهم، فيحكم بالبطلان هاهنا أو يصح في صاع واحد، كما حكيناه عن ابْنِ سُرَيْجٍ في البيع، وكذلك ينبغي أن يفرق في الإجارة.
وقد وَفَّى القضية المذكورة الشيخ أبو محمد، فسوى بين قوله: بعتك كل صاع من هذه الصُّبْرَةِ بدرهم، وبين قوله: بعتك هذه الصبرة كل صاع بدرهمٍ، وصحح البيع في جميع الصبرة باللفظين.
ثم اعلم أن عامة النقلة إنما نقلوا التجويز في شهر واحد عن ابن سُرَيْجٍ فيما إذا ضبط الاشهر بالسنة، أما إذا أطلق، وقال: كل شهر بدرهم، فالخلاف فيها منسوب إلى "الإملاء"، واختيار الإصطخري كما سبق. والفرق بين الصورتين بَيِّنٌ.
وحكى الإمام والمصنف في "الوسيط" التجويز في شهر عن ابن سريج مع التصوير فيما إذا أطلق ذكر الشهر، ولم يساعدا عليه.
وقوله هاهنا: "لو قال: اجرتك شهراً بدرهم، وما زاد فبحسابه" أراد به الصورة الأولى والثانية، حيث حكى الخلاف فيه، وأما ما يشعر به اللفظ فلا يجري فيه الخلاف؛ لأن قوله: آجرتك شهراً بدرهم إمَّا أنْ يُحْمَلَ على شهرٍ غير معين، أو على الشهر المتصل باللفظ، إن كان الأول فلا خلاف في فساد الإجارة، وإن كان الثاني فالشهر الأول مفرد بالعقد مقابل بالعوض، فيصح العقدُ فيه بلا خلاف.
وكذلك أورده صاحب "المهذب" وغيره.
واعلم أن الحكم في مدة الإجارة كالحكم في أجل السلم في أن مطلق الشهر يحمل على أمرين.
وكذا السنة في أنه إذا قَيّد بالعدد، أو قال سنة روميّة، أو فارسيّة أو شميّسة كان الأجل ما ذكره في أن العقد إذا انطبق على أَوَّلِ الشهرِ اعتبر ذلك الشهر، وما بعده بالأهلّة، وإن لم ينطبق تيمم المنكسر بالعدد من الآخر، ويحسب الباقي بالأهلّة، وفي سائر المسائل المذكررة في السلم، وفي التأجيل بالسنة الشمسية وجه أنه لا يجوز، وهو قريب من الوجه المذكور هناك في التأقيت بفصح النصارى.
ولو قال: أجرتك شهراً من هذه السنة فإن لم يكن بقي من السنة إلاَّ شهر صَحَّ، وإن بقي أكثر من شهر لم يصح للجهالة، هكذا ذكره في "التهذيب" و"التتمة".
والحكم بالبطلان فيما إذا كان الباقي أكثر من شهر يجوز أن يكون تفريعاً على