قال الرافعي: ومما تستأجر له الأرض البناء. والزراعة، والغراس، فلو قال: آجرتك هذه الأرض ولم يذكر البناء ولا غيره، وهي صالحة للكل لم يصح؛ لأن منافع هذه الجهات مختلفه. وكذا ضررها اللاحق بالأرض فوجب التعيين، كما لو أجر بهيمة لا يجوز الإطلاق، هذا جواب الأصحاب في هذا الموضع وقد رأوه متفقاً عليه، حتى احتجوا به لأحد الوجهين فيما لو أعار الأرض مطلقاً كما سبق في "العارية".
لكنا قد نقلنا في مسألة إجارة الأرض التي لا ماءَ لها تصريحهم بجواز الإجارة مطلقاً فيثبه أن تكون الإجارة مطلقاً على وجهين كإعارتها.
والظاهر المنع فيهما، وما ذكروه في إجارة الأرض التي لا ماء لها مفرع على الوجه الآخر (١) أو مؤول.
ولو أجر داراً أو بيتاً لم يحتج إلى ذكر السُّكنى؛ لأن الدار لا تستأجر إلاَّ للسكنى، ووضع المتاع فيها, وليس ضررها مختلف، فيجوز الإطلاق كذا ذكروه.
ويجوز أن يمنع فيقال: كما تستاجر الدار للسُّكنى، كذلك تستأجر لتتخذ مسجداً،
(١) قال النووي: المذهب، ما نص عليه في المسائل الثلاث، فلا تصح الإجارة هنا مطلقاً، وتصح العاريَّة على وجه؛ لأن أمرها على التوسعة والإرفاق، فاحتمل فيها هذا النوع من الجهالة كإباحة الطعام، بخلاف الايجارة، فإنها عقد مغابنة، فهذا عمدة الأصحاب. وأما مسألة إجارة الأرض التي لا ماء لها، فمؤوَّلة. (ينظر الروضة ٤/ ٢٧٢).