للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضمن، وبالعكس لا يضمن إلا أن يكون أثقل، وقس على هذه الصور أخواتها.

ولو استأجرَ دابة ليحمل مقداراً سمَّيَاه، فكان المحْمُول أكثر نُظِرَ؛ إن كانت الزيادةُ بقَدْر ما يقع من التفاوُتِ بيْن الكَيْلَيْن في ذلك المبلغ، فلا عبرة بها، فإن كانتْ أكثر، كما إذا كان المشْرُوط عَشَرة أصعٍ، وكان المحمولُ أحدَ عَشَرَ، فللمسألة أحوال:

الحالة الأولَى: إذا كان المكتري الطَّعام، وحمله بنفسه، فعليه أجرةُ المثْل لما زاد، هذا هو المشْهُور، وفي كتاب القاضي ابن كجٍّ أن القاضِيَ أبا حامد حَكَى قولاً: أنَّهُ يأخُذ أجرة المثل للكلِّ وقولاً: أنه يتخيَّر بيْن المسمَّى، وما دخل الدابَّة من نقْصٍ وبيْن أن يأخذ أجرة المِثْل، وإن كان أبو الحسيْن حَكَى قولاً أنَّهُ بالخيار بيْن المسمَّى وأجرة المثْل للزيادة، وبين أجرة المثل للكلِّ، وإن تلِفَت البهيمة بالحَمْل، فإن انفرد المكْتَرِي باليد، ولم يكن معها صاحِبُهَا، فعَليْه ضمانها باليد العادية؛ لأنه صار يحمل الزيادَة غاصباً، وإنْ كان معها صاحبُها ضمِن بالجناية، وفي القدْرِ المضْمُونِ قولان، ويُقَالُ: وجهان:

أحدهما: النصْفُ؛ لأن التلَفَ تولَّد من جائزٍ، وغيْر جائز، فانقسم الضَّمان عليهما، كما لو جرح نفسه جِراحات، وجرَحه غيره جراحةً واحدةً، أو جَرَحَه واحدٌ جراحات، وآخَرُ [جراحة واحدةً] (١) يجب نِصْفُ الدِّية عَلَى صاحب الجراحة الواحدة.

والثَّاني: أن قيمة البَهيمة توزَّع على الأصْل والزيادة، فيضمن بقسط الزيادة؛ لأن التوزيع على المَحْمُول، ميَسر بخلاف الجراحاتِ، فإنَّ نكاياتها لا تنْضَبِط، ولا معنى لرعاية مجرَّد العدو.

قال الأئمة: وهذا الخلافُ مبنى على القولَيْن فيما إذا زاد الجلاَّد في الحدِّ واحداً علَى المائة أو الثمانين (٢) أنَّه يضمن نصْف الدية، أو جزءاً بحسابه، ويشبه أن يكونَ التَّوْزيعُ أقْرَبَ، فقد رَجَحَة الإمامُ وغيْرُه، لكن في سلْسلَةِ الشَّيخ أبي محمَّد أنه التنصيف أصحُّ في المسألتَيْن.

وفي شَرْح "المختصر" للشيْخ هذا حكايةُ قوْلٍ ثالث: أنَّهُ يضمن جميع القيمة كما لو انفرد باليَد، وهذا قد نسبه القاضي ابنُ كج إلَى رواية أبي الحُسَيْن عن بعض الأصحاب، وأبدى من عند نفْسِه احْتمالاً فيما إذا انفرد باليد؛ أنَّه لا يضْمَن الكلَّ، والمعتمد ما تقدَّم.

ولو هلكت البهيمةُ بسَبَبٍ غيْرِ الحَمْل، ضمن عند انفرداه ياليَد؛ لأنَّه ضامِنٌ باليد،


(١) في ز: جراحاً واحداً.
(٢) في ب: لكن في المسألة أو الثمانين.

<<  <  ج: ص:  >  >>