للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال في "التتمة": إنْ كان عالماً بالزيادة، فهو كما لو كَالَ بنفسه، وحَمَل؛ لأنه لما عَلِم الزيادَة، كان من حقِّه ألاَّ يحملها، وإن كان جاهلاً، فعلى وجهين:

أحدهما: [آخذاً بما إذا] (١) قدَّم الطعام المغْصوب إلى المالِك، فأكَلَه جاهلاً هَلْ يبْرَأُ عن الضَّمان؟

الحالة الثالثة: إذا كال أجنبيُّ وحمل بلا إذْن، فعلَيْه أجرةُ الزيادة للمكري، وعليه الردُّ إلى الموضع المنقولِ منْه، إن طالبه المكْتَري، وضمان البهيمة عَلَى ما ذكرنا في حقِّ المكْتَرِي وإن تولَّى الحمْلَ بعد كَيْلِ الأجنبيِّ أحد المتعاقدَيْن، فينظر أهو جاهل، أمْ عالمٌ؟ ويقاسُ بما ذكرنا، هذا كلُّه فيما إذا اتَّفَقَا علَى الزيادة، وعلَى أنَّها للمُكْتَرِي.

أما إذا اختلَفَا في أصْل الزيادة، أو في قدرها، فالقول قول المنْكر، وإن ادَّعى المكْرِي أنَّ الزيادة له، والدابَّة في يده، فالقول قولُه، وإنْ لم يدَّعهَا واحدٌ منْهما، تُرِكتْ في يده؛ حتى يظهر لها مستحِقٌّ، ولا يلزمُ المكْتَرِيَ كراهاً، ولو وُجِدَ المحمولُ دون المشروط، نُظِر؛ إن كان النُّقْصَانُ بِقَدْر ما يقع من التفاوُتِ بيْن الكيلَيْن، فلا عِبْرَةَ به، وإنْ كان أكثر من ذلك، قال في "التتمة": إنْ قال المكْرِي، حُطَّ من الأجرةِ بقِسْطه، إن لم يعلم المكْتَرِي، وإن علمه، فإن كانت الإجارةُ في الذمَّة، فكذلك؛ لأَنه لم يفِ بالمَشْروط، وإن كانتِ الإجارةُ عيناً فالحكم كما لو قال المكتري بنَفْسه ونقص، فلا يُحَطُّ شيءٌ من الأجرة؛ لأن التمكين في استيفاء المنْفَعَة قد حَصلَ، وذلك كافٍ في تقرر الأجْرة. ولو اكترى اثنانِ دابَّةً وركِبَاها,. فارتدَفَهما ثالثٌ بغيْر إذنهما، فهلكتِ الدابَّة ففيما يجبُ على المُرْتَدِفِ ثلاثةُ أوجه:

أحدها: النصفُ؛ لحُصُول الهلاك مِنْ جائزٍ وغيرِ جَائز.

والثاني: أنَّ القيمَة تُقَسطَ عَلَى أوزانهم، فيجب على المرتَدِف ما يخصُّه.

والثالث: أنَّهُ يلزمه الثُّلثُ توْزِيعاً على رُؤوسهم، فإنَّ الرجالَ لا يوزَنُون في العادة (٢).

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَإِنْ سَلَّمَ ثَوْباً إِلَى خَيَّاطٍ فَخَاطَهُ قِبَاءً فَقَالَ: مَا أَذِنْتُ لَكَ إِلاَّ فِي القَمِيصِ، فَإذَا تَنَازَعَا (م) تَحَالفَا إِذْ يَدَّعِي المَالِكُ خِيَانَتَهُ فَإذَا حَلَفَ أَنَّهُ مَأْذُونٌ سَقَطَ الأَرْشُ، ويَدَّعِي الخَيَّاطُ إِذْنَ المَالِكِ وَالأُجْرَةَ فَإِذَا حَلَفَ أنَّهُ لَمْ يَأذَنْ سَقَطَتِ الأُجْرَةُ، وَفِيهِ


(١) في ز: إن.
(٢) قال النووي: أصحهما: الثاني. قال الشيخ أبو حامد وغيره: لو سخر رجلاً مع بهيمته، فتلفت البهيمة في يد صاحبها لم يضمنها المسخر؛ لأنها في يد صاحبها.

<<  <  ج: ص:  >  >>