للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإزَارِ" (١). ويروى مثله عن أم سلمة -رضي الله عنها- (٢).

ولا فرق بين أن يصيب دم الحيض موضعاً منه وبين إلاَّ يصيبه وفي وجه: لا يجوز الاستمتاع بالموضع المتلطِّخ به؛ لأنه لو استمتع به لأصابه أذى الحيض وإنما منع من وطء الحائض للأذى.

والأول هو الظاهر لإطلاق الأخبار (ولك) أن تعلم قوله: "ولا يحرم الاستمتاع بما فوق السُّرة وبما وتحت الرُّكْبَة"؛ لهذا الوجه الذاهب إلى التَّفصيل، فهذا شرح الأمور الأربعة الممتنعة بالحَيْض. واعلم أن قوله: "وحكم الحيض امتناع أربعة أمور" يشعر بانحصار حكمه فيه، لكن له أحكام أخر. منها: أنه يجب الغُسْلُ، أو التَّيمم عند انقطاعه- على ما سبق بيان ذلك في مُوجِبَاتِ الغُسْل. ومنها: أنه تمتنع صحة الطَّهارة ما دام الدم مستمراً إلا الأغسال المشروعة لما لا يفتقر إلى الطَّهارة كالإحرام والوقوف بعرفة، فإنها تستحب للحائض؛ لأن المقصود من تلك الأغسال التَّنظيف، وإذا فرعنا على أن الحائض تقرأ القرآن، فلها أن تغتسل إذا أجنبت لتقرأ، ويستثنى هذا الغسل أيضاً على القول المشار إليه عن سائر الطّهارات. ومنها: أنه يجب البلوغ. ومنها: أنه يتعلق به العدَّة والاسْتِبْرَاء. ومنها: أنه يكون الطَّلاق فيه بدعياً، وهذه الأحكام تذكر في مواضعها وحكم النفاس، حكم الحَيْضِ إلا في إيجاب البُلُوغِ وما بعده (٣).

[قال الغزالي: أَمَّا الاسْتِحَاضَةُ فَكَسَلَسِ البَوْلِ لاَ تَمْنَع الصَّلاةَ، وَلَكِنْ تَتَوَضَّأُ لِكُلِّ صَلاَةٍ فِي وَقْتِهَا وَتَتَلَجَّمُ وَتَسْتَثْفِرُ وَتُبَادِرُ إِلَى الصَّلاَة، فَإنْ أَخَّرَتْ فَوَجْهَانِ: وَوَجْهُ المَنْعِ تَكَرُّرُ الحَدَثِ عَلَيْهَا مَعَ الاسْتِغْنَاءِ وَفِي وُجُوبِ تَجْدِيدِ العِصَابَةِ لِكُلِّ فَرِيضَةٍ وَجْهَانِ، فَإِنْ ظَهَرَ الدَّمُ عَلَى العِصَابَةِ فَلاَ بُدَّ مِنَ التَّجْدِيدِ].


(١) أخرجه مالك في الموطأ (١/ ٥٩) والبيهقي من حديث عائشة بمعناه، وإسناده عن البيهقي صحيح، وليس فيه قوله: ونال مني ما ينال الرجل من امرأته، وقد أنكر ذلك النووي في شرح "المهذب" على الغزالي، حيث أوردها في وسيطه، وهو في ذلك تابع لإمامه في النهاية، قال النووي: وهذه الزيادة غير معروفة في كتب الحديث، انظر التلخيص (١/ ١٦٧) وهو بنحوه عند البخاري (٣٠٠) ومسلم (٣٠٢).
(٢) هو متفق عليه، من حديث أم سلمة دون الزيادة المنكرة، البخاري (٢٩٨) ومسلم (٢٩٦).
(٣) قال النووىِ: ومن أحكامه منع وجوب طواف الوداع، ومنع قطع التتابع في صوم الكفارة، وقول الرافعي: وحكم النفاس حكم الحيض إلا في إيجاب البلوغ، وما بعده يقتضي أن لا يكون الطلاق فيه بدعيًا وليس كذلك، بل هو بدعي لأن المعنى المقتضي بدعيته في الحيض موجود فيه، وقد صرح الرافعي أيضاً في كتاب الطلاق بكونه بدعياً. والله أعلم. انظر الروضة (١/ ٢٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>