للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثاني: الجواز كما في التَّيمم، ولأنها لو أمرت بالمبادرة لأمرت بِتَّخْفِيفِ الصلاة والاقتصار على الأقل.

والثَّالث: أن لها التَّأْخر ما لم يخرج وقت الصَّلاة، فإذا خرج، فليس لها أن تصلي بتلك الطَّهَارة. وذلك لأن جميع الوقت في حق تلك الصَّلاة كالشيء الواحد والوجوب فيه موسع. وهل يلزمها تجديد غسل الفرج وحشوه وشده لكل فريضة؟ ننظر إن زالت العِصَابَةُ عن موضعها زوالاً له وقع أو ظهر الدم على جوانب العِصَابة فلا بد من التجديد، لأن النَّجَاسة قد كثرت وأمكن تقليلها فلا يحتمل، ولا بأس بالزوال اليَسِيرِ كما يعفى عن الانتشار اليسير في الاسْتِنْجَاءِ وإن لم تزل العِصَابة عن موضعها ولا ظهر الدم فوجهان:

أصحهما: وجوب التَّجديد كما يجب تجديد الوضوء.

والثاني: لا يجب إذ لا معنى للأمر بإزالة النجاسة مع استمرارها لكن الأمر بطهارة الحدث مع استمراره معهود. ونقل المسعودي الخلاف في المسألة قولين، وهذا الخلاف جَارٍ فيما إذا انتقض وضوء المُسْتَحَاضَةِ واحتاجت إلى وضوء آخر بسبب ذلك كما لو خرج منها ريح قُبُل إنْ صلَّت فيلزمها الوضوء وفي تجديد الاحتياط الخلاف.

ولو انتقض وضؤها بأن بالت وجب التَّجديد لا مَحَالَةَ لظهور النَّجَاسة كيف وهي غير ما ابتليت به. واعلم أنه إذا خرج منها الدَّم بعد الشَّدِّ فإن كان ذلك لغلبة الدَّم لم يبطل وضؤها وإن كان لتقصيرها في الشَّدِّ بطل، وكذا لو زالت العِصَابَةُ عن مَوْضِعَها لضعف الشَّدِّ وزاد خروج الدَّمِ بسببه فإن انفق ذلك في الصَّلاَة بطلت الصَّلاةُ وإن اتفق بعد الفريضة لم يكن لها أن تنتقل. ولنعد إلى ألفاظ الكتاب أما قوله: "ولكن تتوضَّأ لكلِّ صلاة" يعني به كل صلاة الفرض وينبغي أن يعلّم بالحاء والألف؛ لأن عند أبي حنيفة وأحمد تتوضَّأ لوقت كل صلاة لا لكل صلاة ولها أن تجمع بين فرائض بوضوء واحد ما دام الوقت باقياً وبخروج الوقْتِ يبطل طهارتها. قال أبو حنيفة: "وإنْ توضَّأت قبل الوقت لصلاة، لا يمكنها أن تُصَلِّي تلك الصلاة بذلك الوضوء؛ لأن دخول وقت كل صلاة يكون بخروج وقت التي قبلها، وخروج الوقت مبطل، الأصلاة الظهر، فإنها إذا توضَّأت قبل الزَّوال، ثم زالت الشَّمس، لها أن تُصلِّي الظهر".

وأما قوله: وَتَتَلَجَّمُ وَتَسْتَثْفِر فقد ورد اللَّفظان في خبر حمنة بنت جحش.

قال: صاحب الصِّحاح (١): "اللِّجَامُ فارسي مُعَرَّبٌ، واللِّجَامُ ما تشده الحائض،


(١) انظر الصحاح (٥/ ٢٠٢٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>