للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلَى مَصَارِفِ الزَّكَاة، فلا يُبْنى به مسجدٌ ولا رباطٌ، وإذا وقف على جهةِ الثَّوابِ، صرف إلَى أقاربه، وجوابُ الأكْثَرِينَ ما قدَّمناه، قالوا: ولو جمع بين سبِيلِ الله وسبيل الثواب وسبيل الخير صرف الثلث إلى الغُزَاة، والثُّلث إلى أقاربه، والثُّلثُ إلى الفُقَرَاءِ والمَسَاكِينِ والغَارِمِين، وابْنِ السَّبيل، وفي الرِّقَاب، وهذا يخالف ما سَبَق مِنَ الخِلاَفِ. ويجوزُ الوَقْف عَلَى أكْفَان الموتَى، ومؤْنةُ الغَسَّالِينَ والحفَّارين، وإنْ كان ذلك مِنْ فروض الكِفَايات، وعلى شراء الأوانِي والظُّروف لِمنْ تكسَّرت علَيْه، وعلى المتفقِّهة، وهم المشتغلون بتَحْصيل الفِقْهِ مبتديهم ومنتهيهم، وعلى الفُقَهاء، ويدْخُل فيه من حَصَّل منه شيئاً، وإن قَلَّ (١).

وأما الوقْفُ على الصُّوفيَّة، ففيما رأيته يخطِّ بعْض المحصِّلين أنَّ الشَّيْخَ أبَا محمَّد


(١) ما ذكره المصنف في الوقف على الفقهاء، قال جماعة من المتأخرين منهم صاحب الخادم واقتصر على كلامه، فإنه أجمع من غيره، قال ما نصه: ما ذكره من الوقف على الفقهاء غير مساعد عليه نقلاً وتوجيهاً، أما التوجبه فلا يساعده عرف ولا لغة، أما اللغة فلأن الفقهاء جمع فقيه صيغة مبالغة؛ لأنه من فقْه بضم القاف إذا صار الفقه له سجية، فمن حصل شيئاً قليلاً من الفقه، لا يصدق عليه ذلك، وإنما يصدق عليه فاقه. وأما العرف فلأن عرف أهل العلم أن الفقيه العالم بإصلاح الفقه، وقد يخص باسم المتبحر، ولهذا كان الشيخ ابن دقيق العيد يسمى العلامة نجم الدين بن الرفعة الفقيه، وإذا انتهى الطالب على شيخ يقول رجل فقيه، ألا ترى أنه -صلى الله عليه وسلم- قال بعض أصحابه ثكلتك أمك يا فلان، لقد كنت أعدل من فقهاء المدينة، وتقول أهل العلم فقهاه أهل المدينة السبعة، وأما النقل فقال القاضي الحسين: إذا وقف على الفقهاء صرف إلى كل من علم من الأحكام شيئاً، فأما من تفقه شهراً أو شهرين فلا, ولو وقف على المتفقهة صرف إلى من تفقه يوماً مثلاً؛ لأن الاسم صادق عليه، وقال في تعليقته: الأحرى يعطى لمن حصَّل في الفقه شيئاً يهتدى به إلى الباقي.
قال صاحب الخادم: وهذا حسن، وإليه يشير قول الشيخ في التنبيه، وإذا تذكره المنتهي تنبه به على أكثر المسائل قال القاضي: ويعرف بالعادة، وقال المتولي: المتفقه هو الطالب لعلم الفقه، وإن كان مبتدئاً، وإذا وقف على الفقهاء صُرِفَ إلى من حصل من الفقه طرفاً، وإن لم يكن متبحراً، فأما من كان مبتدئاً فلا يصرف إليه، وقال الغزالي في الاحياء: إنه يدخل في الوصية للفقهاء الفاضل دون المبتدئ في شهر ونحوه، والمتوسط بينهما درجات يجتهد المفتي فيها، والورع لهذا المتوسط ألا يأخذ منها شيئاً، وإن أفتاه مفت بدخوله فيها، وقد حكاه عنه النووي في كتاب البيع في شرح المهذب، وأقره، وقال البغوي في كتاب الوصية: ولو أوصى للفقهاء فهو لمن يعلم أحكام الشرع من كل نوع شيئاً، وقال المتولي: المرجح فيه للعادة فمن سمي فقيهاً يكون محلاً لوضع الوصية فيه، وقد حكاه الرافعي عنهما في كتاب الوصية. وقال الخوارزمي في الكافي في كتاب الطلاق: لو قال إن كان فلان فقيهاً فامرأتى طالق، ما إن أراد ما يسمى فقيهاً في العادة، وأطلق لم يرد شيئاً فينصرف إلى من يسمى فقيهاً، وعالماً في العادة. وإن أراد الفقه الحقيقي فلا تبع فيما بينه وبين الله تعالى إلى آخر ما ذكره في الخادم بطوله وسبقه الشيخ الأسنوي إلى معظم ما نقله.

<<  <  ج: ص:  >  >>