أمَّا عَلَى التقْدير الأوَّل، فإلحاقاً له بالإعتاق، وأمَّا علَى الثَّاني، فإنَّه إذا احتمل كونْ المنافع، والفوائدُ معدومة ومجهولة، لم يبعد أن يحتمل ترك القبول، وسواءٌ شرَطْنا القَبُول أو لم نَشْرِطْه، فلو ردَّ، بَطَلَ حقَّه، كما في الوصيَّة، وكما أنَّ الوكالَة تردُّ بالردِّ، وإن لم يشترطِ القبولِ، ووفَّى صاحبُ "التهذيب" بتشبيهه بالعِتْق، وقال: إنَّه لا يرتدُّ بردِّه، وإذا ردَّ، ثم رجع، قال القاضي الرُّويانيُّ: إنْ رجَع قبْل حُكْم الحاكم بردِّه إلى غيره، كان له، وإنْ حَكَمَ الحاكمُ به لغيره، بَطَلَ حقُّه، هذا في البطن الأول.
أمَّا البَطْنُ الثَّاني والثالثُ، فلا يُشْترط قَبُولُهم فيما نقله الإمامُ وصاحبُ الكتابِ؛ لأنَّ استحقاقَهُم لا ينقل بالإيجاب، وذكروا أنَّ في ارتداده بردِّهم وجهَيْن؛ لأنَّ الوقْف، قد ثَبَت ولَزِم، فيبْعُد انقطاعُهُ.
وأجْرَى أبو سعيدِ المتولِّي الخلافَ في أنَّه، هَلْ يُشْتَرط قَبُولهم، وهل يرتد بردِّهم بناءً على أنَّهم، هل يتلقَّونْ الحقَّ من الواقف أو من البطَنْ الأوَّل؟ إنْ قلْنا بالأول، فقَبُولهم وردُّهم كقَبُول الأوَّلين وردِّهم.
وإنْ قُلْنا بالثَّاني، لم يعتبر قَبُولُهم ورَدُّهم، كما في المِيرَاث، وهذا أحسن، ولا يبعد ألاَّ يتَّصل الاستحقاق بالإيجاب، ومع ذلك يعتبر القبول، كما في الوصيَّة.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: ضَمَن هذا الركُنَ شروطَ الوَقْف، وهيَ عَلَى ما عَدَّها أربعةٌ:
أحدُها: التأبيد؛ وذلك بأنْ يَقِفَ عَلَى من لا ينقرض؛ كالفُقَراء والمساكِين، أو على من ينقرض، ثم يردّه إلَى من لا ينقرض كما إذا وقف علَى ولَدِه ثم علَى الفُقَراء والمساكين أو على رَجُلٍ ثم على عقبه، ثم على الفقراءِ، والمَسَاجد، والقَنَاطر، والرِّبَاطات كالفُقَراء والمَسَاكين، وإن عيَّن مساجدَ أو قناطِرَ، فوجهان.
وفي معْنَى الفقراء العُلَماء، وفي فتاوَىَ القفال خلافٌ؛ لأنَّهُمْ قد ينقطعون، وفي الفصْل مسأَلَتَان:
الأُوَلَى: إذا قال: وقَفْتَ هذا سَنَةً، فعنْ بعضهم وجْهٌ ضعيفٌ أنَّه يصحُّ، وينتهي