للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كانتْ موقوفةً على المسجد. أمَّا ما أشتراهُ المتولِّي للمسجد، أو وهَبَه منْه واهب وقبله المتولِّي، فيجوزُ بيعه بلا خلافٍ عنْد الحاجة؛ لأنَّهُ ملك حتَّى إذا كان المشتَرِي للمسْجِدِ شِقْصاً، كان للشَّريكِ الأخْذُ بالشُّفْعة، ولو باع الشريك، فللمتولِّي الأخذُ بالشُّفعة عنْد الغبطة، هكذا ذكروه (١) والله أعْلَم، وبالله التوفيق. وهذه مسائلُ وفروعٌ تدخل في الباب الأَوَّلِ:

إذا وقف ضَيْعةً على المُؤَنِ التي تقعُ في قرية كذا من جهة السُّلْطان، ففي "فتاوى القَفَّال" أنَّه جائزٌ، وصيغته أن يقول: تصدَّقت بهذه الضَّيْعَة صدقةً محرمةً عَلَى أن تُستَغَلَّ فما فصل من عمادتها صُرِف إلَى هذه المُؤَن، ويَجُوزُ الوقْف عَلَى أقارِبِ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- إذا جَوَّزنا للوقف على قَوْم غير محصورين. وعن الشيخ أبي محمَّد: أنَّه وقع في "الفتاوى" زمن الأستاذ أبي إسحاق أَنَّ رجلاً قال: وقفتُ دارِي هذه على المساكِينِ بعْد مَوْتي، فأفتى الأستاذُ بصحَّة الوقْف بعد المَوْت، وساعَدَه أئمةُ الزَّمَانِ، وهذا كأنه وصيَّة، ويدُلُّ عليه أنَّ في "فتاوى القفَّال": أنَّه لو عَرض الدَّار على البَيْع، صار رَاجِعاً عنه. وأيضاً أنَّه لو قال: جعلْتُ داري هذه خانِقاها للغُزَاة، لم تَصِرْ وقفاً بذلك.

وأنَّه لو قال: تصدَّقْتُ بداري هذه صدقةً محرمةً يُصرَفُ من غلَّتها كلَّ شهر إلى فلان كذا، ولم يزد عليه، ففي صحَّة هذا الوقْف وجهان، إن صحَّ، ففي الفاضل عن المقْدَارِ أوجه:

أحدُها: الصَّرْفُ إلَى أقرب النَّاس إلى الواقِف.

والثاني: الصَّرْفُ إلى الفُقَراء.

والثالث: أنَّه يكونُ مِلُكاً للواقِف.

وأنَّه لو قال: جعلْتُ هذه الدار للمَسْجد، أو دفَع داراً إلى قيِّم المسْجِد، وقال: خُذْها للمَسُجِد، أو قال: إذا مِتُّ، فأَعْطُوا مِنْ مالي ألْفَ درْهمٍ للمسْجِد، أو فدَارِي للمسْجِد لا يكونُ شيئاً؛ لأنَّهُ لم يوجد صيغةُ وقْفٍ، ولا تمليك، ولك أنْ تقولَ: إن لم يكنْ هذا صريحاً في التمليك، فلا شَكَّ في كونه كنايةً، وأنَّه لو قال: وقفتُ داري عَلَى زيد، وعلى الفقراء، فيبنَى على ما إذا وصَّى لزيد والفقراء، فإن جعلْناه كأحَدِهم، صحَّ الوقفُ، ولا يُحرم زيْد.

وإن قلنا: النَّصُفُ له، صحَّ الوقْف في نصْف الفقراء، ووقف النصف الآخر


(١) قال النووي: هذا إذا اشتراه الناظر ولم يقفه. أما إذا وقفه. فإنه يصير وقفاً قطعاً وتجري عليه أحكام الوقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>