للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والتجارةِ والزيارةِ (١). والقرويُّ، إذا وَجَد اللَّقيطُ في قريتِهِ أو في قرية أخرَى، أو في بلدةٍ تُقَاسُ بما ذكرنا في البلديِّ، ولَو وَجَدَ حَضريٌّ اللَّقِيطَ في البادية، نُظِرَ؛ إن كان في مهلكةٍ، فلا بدَّ من نَقْلِهِ، وللُمُلتَقِطِ أنْ يتوجَّه إلى مقصدِه، ويَذْهَبَ به إليه.

ومن قال في اللُّقطة: يَعرِّفُها في أقرب البُلْدانِ، يشبه أنْ يقولَ: لا يذهب به إلَى مقصده، رعايةً لأمر النسبِ (٢).

وإن كان في حِلَّة أو قبيلةٍ، فله نقلُهُ إلَى البلدة، والقريةِ على المشْهُور، وعن القاضي الحُسَيْن أنَّه عَلَى وَجْهَينِ مبنيين على المعْنَيَيْنِ، ولو أقام هناك، أَقَرَّ في يده لا محالةَ.

[وأمَّا البدويُّ، إن الْتُقِطَ في بْلدَةٍ أو قريةٍ، فأراد المَقَامَ بها، أقر في يدهِ]، وإن أرادَ نَقْلَهُ إلى الباديةِ أو إلى قرية بلدةٍ أخرَى، فعَلَى ما ذَكَرْنَا في الحضريِّ، وإن وَجَدَه في حِلَّةٍ أو قبيلةٍ في البادية، فإنْ كان من أهل حِلَّة مقيمين في موْضِع راتِبٍ، أقر في يده؛ لأنَّه كبَلْدة أو قريةٍ، وإن كان ممَّنْ ينتقلون من بُقعةٍ إلى بقعةٍ مُنْتَجِعينَ، فوجهان:

أحدُهُما: المَنْعُ؛ لِمَا فِيهِ من التَّعَبِ، ولأنَّ في النَّقْل يَضِيعُ نَسَبُهُ.

والثاني: يقر؛ لأنَّ أطرافَ البادية كَمَحَالِّ البلدَةِ، والظاهر أن نسبه من أهل البادية، فيكون احتمال ظهوره إذا كان في البادية أقرب.

هذا حكمُ الحضريِّ والبدوي عنْدَ الانفراد بالالتقاط، وقد تَبيَّن به موْضعُ جواز النقل عن مكان الالتقاط وعَدَمِهِ، وكنَّا وعَدْنا أنْ نَذْكُرَ معها الحُكْم عنْد الازْدِحَام، فنقول: إذا أزْدَحَمَ عَلَى لقيطٍ في البلْدَةِ أو في القريةِ مقيمٌ في ذلك المَوْضِع وظاعنٌ، أَطْلَقَ في "المختصر" أنَّ المقيمَ أَوْلَى، وفصَّلوا الأصحابُ؛ فقالوا: إن كان الظاعنُ يَظْعَنُ إلى الباديةِ، فالمقيمُ أَوْلَى، وإن كان يَظْعَنُ إلى بلدٍ آخر، فإنَّ قلْنا ليس للمنفرد الخروجُ باللقيطِ إلَى بلدٍ آخرَ، فكذلك الجواب، وإنْ جوَّزنا له ذلك، فهما سواءٌ.

ولو اجتَمع على لقيطٍ في القرية قَرَوِيٌّ مُقِيمٌ بها وبلديٌّ، قال القاضي ابنُ كج: القَرَوِيُّ أَوْلَى، وهذا يخرج على منع النَّقْل من بلَدٍ إلَى بَلدٍ، فإنَّ جَوَّزناه، وَجَبَ أن يُقَال: هما سواءٌ (٣).


(١) جزم في البسيط بأن سفر غير النقلة جائز وحمل النص عليه وهو الظاهر.
(٢) وهو بعيد؛ لأن إقامة الملتقط في غير مقصده يشق عليه.
(٣) أي: المقيم والمسافر، وفيه نظر من جهة أن الحظ له في الإقامة ليظهر نسبه، وإن جاز السفر به كما أن الحظ له في الغير، وإن كان الفقير أهلاً لالتقاطه ويشهد له ما سيأتي عن ابن كج.

<<  <  ج: ص:  >  >>