للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لنا القياسُ على هذه الحالةِ، وعلى ما إذا كانتْ مُسْلمةً بعد العُلُوق، وذكر صاحبُ "النِّهاية" أنَّه مهما تأخَّر إسلامُ أحَدِهمَا عن العُلُوق فلا فرق بين أن يتَّفقَ في حالةِ اجتنانِ الَولَدِ أو بعدْ انفصالِهِ، لكن يجوزُ أن يُجُعَلَ إسلامُ أحدهِما في حَالَة الاجتنان، كما لو كان مُسْلماً يوم العُلُوق؛ جواباً على أنَّ الحَمْلَ لاَ يُعْرَفُ حتَّى يلتحقَ ذلك بالوَجْه الأوَّل، وستعرف ما يفترق به الوجْهَان المفْرُوضان. [و] من معنى الأبوين الأجْدَادُ والجَدَّاتُ، سواءٌ كانوا وارِثِينَ أو لم يكونوا، فإذا طرأ إسْلامُ الجَدُّ، تَبِعَهُ الطِّفلُ، إن لم يكن الأب حَيًّا (١)، فإن كان حيًّا، فوجهان:

أَحَدُهُمَا: أنَّه لايتْبَعُهُ، في الإسْلاَم؛ لأنَّ الجدَّ لا ولايَةَ لَهُ في حياة الأَب، والجَدَّةُ لا حضانةَ لها في حياةِ الأمِّ.

وأمرَ بهما التبعية؛ لأنَّ سَبَبَ التَّبعيَّة القرابةُ، وأنَّها لا تختلفُ بحياةِ الأَبِ، وموته؛ كسُقُوط القِصَاصِ، وحدِّ القذف.

وقولهُ في الكتاب "وكذا إذا أسْلَمَ أَحَدُ الأَجْدَادِ والجدَّاتِ" إلى آخره، يشتمل ما إذا كان الأَقْرَبُ متوسِّطاً بين الَّذي أسْلَم، وبين الطِّفْل، وما إذا لم يكن، وهو مجرى على ظاهره حتَّى لو أسلم الجدُّ للأمِّ، والأبُ حيٌّ، اطَّرد الوجهان، ثم إذا بلغ الصبيُّ فله حالتان:

الحالة الأُولَى: إذا أعرب عن نَفْسِه بالإِسلام، فقد تأكَّد ما حَكَمْنا به، وانقطع الكَلاَمُ.

الحالةُ الثانية: إذا أَعْرَبَ بالكفر، ففيه قولان:

أصحُّهُما: أنَّه مرتدُّ؛ لأ [نَّه]، سَبَقَ الحكمُ بإسْلامه جَزْماً؛ فأشبه مَنْ باشَر الإِسلامَ ثم ارتَّد، وما إذا حَصَلَ العُلُوقُ في حالة الإِسْلاَم.

والثاني: أنَّه كافر أصلي؛ لأنَّه كان مَحْكُوماً عَلَيْه بكُفْره أولاً، وأزيل ذلك بطريق التبعيَّة، فإذا استقلَّ، انقطعت التبعيَّةُ، فوجب أن يُعْتبَرَ بنَفْسِهِ، ويقال: إن هَذا مخرَّجٌ، ومنْهُمْ من لم يَثْبتْهُ، وقطَع بالأوَّل، فيَجُوزُ أنْ يُعْلَمَ؛ لذلك قوله: "على أصحِّ القولَيْن" بالواو.

التفريعُ إن حَكَمْنا بكونه مرتدّاً، لم يَنْقُضْ شيئاً مما [حكمنا به]، وأمْضَيْنَاه من أحكام الإسْلام، وإن حكمنا: إنَّه كافرٌ أصليٌّ، فوجهان:


(١) ما رجحه حكاه الماوردي عن أكثر الأصحاب.
قضية هذا البناء أنه لا يستتبع أمه في الإسلام فإنه لا ولاية له على المذهب، وليس كذلك، فإنه لا فرق عندنا في الاستتباع بين الأم والأب خلافاً لمالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>