للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

انْتَسَبَ إِلَى أَحدِهِمَا، رَجَعَ الآخرُ عليه بما أَنْفَقَ، [ولو لَمْ ينتَسِب إلَى واحدٍ منهما؛ لفَقْد المَيْلِ، بقي الأَمْرُ مَوْقُوفاً] (١).

ولو انتَسَبَ إلَى غَيْرِهِمَا، وأدَّعَاهُ ذَلِكَ الغَيْرُ، ثبت نسبُهُ منه، وفيه وجْهٌ، أنَّه إن كان الرُّجُوعُ إلَى انتسابِهِ بسبب إلْحَاقِ القَائِفِ بهما جميعاً، لم يُقْبَلِ انتسابُهُ إلَى غيرهِما، وإذا انتسبَ إلَى أحَدِهِمَا، لفقد القائف، ثم وُجِدَ، عَرَضْنَاهُ عَلَيْهِ، فإن ألحقَه بالثَّاني، قَدَّمْنَا قوله على الانتسابِ؛ لأَنَّة حُجَّةٌ أَو حُكْمٌ، وعن أبي إسْحَاقَ فيما رواه، أنَّ الانتسابَ مُقَّدمٌ، علَى قول القائف.

قال: وعلَى هذا؛ فمهما أَلْحَقَهُ القائفُ بأَحَدِهِمَا، فللآخَرِ أن ينازعه، ويَقُولَ: يُنْتَظَرُ حتَّى يَبْلُغَ، فينتسب إلَى من يميلُ إلَيْه (٢).

ولو أَلْحَقَهُ القائفُ بأَحَدَهِمَا، ثُمَّ أَقَام الآخَرُ بَيِّنَةً، قُدِّمَتِ البِّينَةَ علَى قَوْلِهِ؛ لأنَّ البينَةَ حُجَّةٌ، يعتمد عليها في كلِّ خصومة.

وقولُ القائفِ، وإنْ كان مَقْبُولاً، فمُسْتَنَدُهُ حَدْسٌ وتَخْمِينٌ، وعن أبي الحُسَيْن؛ أنَّ بعض الأصْحابِ قال: لا ينقض ما حكِمَ به، ولا يعمل بالبينة.

ولو تداعَت امرأتانِ نَسَبَ لَقِيطٍ أو مجهولٍ آخَرَ، ولا بَيِّنَةَ، وفَّرَعْنَا علَى أَنَّ استلْحَاقَ المرأةِ مقْبُولٌ، ففي عَرْضِ الولد معهما على القائفِ وجهان:

أحدُهُما: المَنْعُ؛ لأنَّ معرفةَ الأُمُومَةِ يَقِيناً بمشاهدة الولادة ممكنةٌ.

وأصحُّهما، وقدْ نصَّ علَيْهِ: أنَّه يُعْرَضُ؛ لأنَّ القائِفَ حجَّةٌ أو حكمٌ؛ فكان كالبَيِّنَةِ، وعلَى هذا تَنْبَنِي تَجرِبَةُ القائِف وامْتِحَانُهُ عَلَى ما سيَأْتي بيانه في بابه، إن شاءَ اللهُ تَعَالَى. وإذا أَلْحَقَةُ القائفُ بأحدِهِما، وهي ذاتُ زَوْج، لَحِقَ زَوْجَهَا أَيْضاً، كما لو قامَتِ البينةُ. وَحَكَى الإِمامُ وجْهاً آخَر؛ أنَّه لا يَلْحقُهُ؛ لأنَّ قَوْلَ القائِفِ لا يصْلُحُ للإلحاق بالمُنْكِرِ؛ ألا ترى أنَّ القائفَ لا يحلق المنبوذ بمَنْ لا يَدَّعِيهِ.

الخامِسَةُ: إِنْ أقَامَ كُلُّ واحدٍ منهما بينةً علَى نسبِهِ، وتَعَارَضَتا، ففي التعارُضِ في الأَمْلاَكِ قَوْلاَن:

أظهرُهُما: التساقُطُ، وعلَى هذا؛ فيتساقَطَانِ هاهُنَا أَيْضَاَ، ويرجعُ إلَى قولِ القائِفِ وقيل: لا يتساقطان.

ويُرَجَّحُ أحدُهُما بقَوْلِ القائف، عن صاحبِ "الحاوي" روايةُ، العبارةِ.


(١) سقط من: د.
(٢) سقط من: د.

<<  <  ج: ص:  >  >>