للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو أَنَّه وَلَدُ أمَتِهِ، فالذي نَقَلَهُ المُزنيُّ هاهنا أنَّه يكْفِي.

وقال في "الدعاوَى والبَيِّنَاتِ": إنْ شَهِدَتِ البينةُ أنه ابنُ أَمَتِهِ، وَلَدَتْهُ في ملْكِهِ، قبلت، فقَالَ الأكْثَرُونَ: فيه قولان:

أحدُهُما: أنَّه لا يَكْفِي ذلك؛ لأنَّه إذا اشْتَرَى جاريةً قد وَلَدَتْ أوَّلاً، فصدق أن يُقالَ: إن أمَتَهُ وَلَدَتهُمْ، ولَيْسُوا مِلكاً لَه، وأيْضاً، فإن أَمَتَهُ قد تَلِدُ حُرَّا بالشُّبهةِ، وفي نِكاحِ الغرور.

وقد يَلِدُ مملوكًا للغَيْر بأن أَوْصَى بحَمْل جاريتهِ للغير، وماتَ فهو للوارث، والذي يَلِدُهُ للمُوصَى لَهُ.

وَأَصَحَّهما: عَلَى ما ذكر [هـ] في الكتاب: الاكتفَاءُ بهِ؛ لأَنَّ المقْصُودَ العِلْمُ بأنَّ شَهادَتهُمْ لَم تستنِدْ إلى ظاهر اليَدِ، وقد حَصَلَ هَذا الغَرَضُ أَيْضاً، فإن الغالِبَ أنَّ وَلَدَ أَمَتِهِ مَلَكَهُ.

ومنهُمُ مَن قَطَعَ بالقَوْلِ الثَّانِي، وجَعَلَ ما ذَكَرَهُ في "الدَّعَاوَى" تأكيداً، ولو شَهِدَتِ البينةُ بأنَّ أَمَتَهُ وَلَدتْهُ في ملكهِ، فإطلاق الجَمهورِ الاكتفاءُ به.

وقال الإمَامُ: لا يُكْتَفَى به تَفْريعاً عَلَى وجُوب التَّعرُّضِ لِسَبَبِ الملْكِ؛ لأنَّهِ قد تَلِدُ أَمَتُهُ في مِلْكِهِ حُرّاً أو مَمْلوكاً للغَيْرِ عَلَى ما بَيَّنَّاهُ، وهذا حقٌّ، ويُشْبِهُ أَلاَّ يكونَ فيهِ خِلاَفٌ، ويكون قولُهُم "في ملْكِهِ" مصْرُوفاً إلى المولدِ بمثابةِ قَوْلِ القَائِل "وَلَدَتْهُ فِي مَشِيمَةٍ، لا إلى الولادةِ ولا إلى الوالدة"، وحينئذٍ لا فَرْقَ بينه وبَيْنَ قولِهِمْ "وَلَدَتهُ مَمْلُوكاً [لَهُ] "، وعلى القوَلْينِ تُقْبَلُ هذه الشهادةُ من رَجُلِ وأمْرَأَتَيْنِ؛ لأنَّ الغَرَضَ إثْبَاتُ المِلْكِ، وإذَا اكْتَفَيْنَا بِالشَّهادةِ عَلَى أَنَّه وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ، فنقْبَلُ مِنْ أَربَعَ نِسوَةً أيضًا؛ لأنَّها شهادةٌ على الْوِلاَدَةِ، ثم يَثْبُتُ المِلْكُ في ضمنها، كما يَثْبُتُ النَّسَبُ في ضمن الشَّهَادة عَلَى الوِلاَدَةِ، ولو شَهِدَتْ عَلَى أنَّه مِلْكُهُ وَلَدَتْهُ أَمَتُهُ، فعَنِ القَاضِي الحُسَيْن أنَّه يَثْبُتُ المِلْكُ والولادَةُ، وذِكْرُ المِلْكِ لا يَمْنَعُ من ثُبُوتِ الولادة، ثم يَثْبُتُ المِلْكُ ضمْنًا لا بتصريحهِنَّ.

لو شَهِدَتِ البينةُ لِمُدَّعِي الرِّقِّ باليد؟

قال في "المهذَّب": إنْ كان المُدَّعِي الملتقط، لم يُحْكَمْ له، وإِنْ كان غَيْرُهُ؛ فقولاَنِ:

وفي "الشَّامِل" وغيرِهِ ما هو أقْوَمُ وأَحْسَنُ منْ هذا، وهو أنَّ المُدَّعِيَ، إذَا أَقامَ البينةَ علَي أنَّه كَانَ في يَدِهِ قَبْلَ أنْ يَلْتَقِطَهُ المُلْتَقِطُ، قُبِلَتْ، وثَبَتَتْ يَدُهُ، ثم يُصَدَّقُ في دَعْوَى الرِّقِّ، لما مرَّ أن صاحِبَ اليد على الصَّغِير إذا لم يعرف أنَّ يده عنِ الْتِقاطٍ، يُصَدَّقُ في دَعْوَى الرِّقِّ، وبمِثْلِهِ أَجَابَ صاحبُ "التهذيبِ" فيما إِذَا أَقَامَ المُلْتَقِطُ بَيِّنَةً على أنَّه كانَ في

<<  <  ج: ص:  >  >>