للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَمايَةِ، ثُمَّ نُسِخَ وجُوبُ الوصيَّةِ، ووَرَدَتْ آيَاتُ الموَاريثِ [على ما استقَرَّ الشَّرْعُ علَيْهِ، وما عُدَّ من وُجوهِ التَّوَارُثِ] (١) في ابْتِداءِ الإسْلاَمِ التَّبَنِّي والمُؤَاخَاة.

الفَاتحةُ الرَّابِعَةُ: الأصْلُ في الموارِيثِ قولُهُ تَعالَى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ} [النساء:١١] الآية، والتي تليها، وآيَةُ الكَلالَةِ في آخِرِ السُّورَةِ، ولم تشتملْ الآياتُ الثلاثُ علَى جَمِيعِ قواعِدِ الفَرائِضِ، لكن وَرَدَت السُّنَّةُ بأصُولٍ أخْرَى، وتَكَلَّمَ أصحابُ رسُولِ الله -صلى الله عليه وسلم- فيما لم يجدوه منْصُوصاً عليه، وكَثُرَ اختلافُهُم فيه؛ لأنَّ مَسائِلَ الفرائِضِ غَيْرُ مَبْنِيَّةٍ عَلَى أُصُولٍ معقُولةٍ، فتَعَلَقُوا بالأَشْبَاهِ والأَمْثَالِ.

وحَكَى الإمَامُ عَنِ العُلَمَاءِ بالفَرائِضِ أنَّ صَحَابَةَ رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- تَحَزَّبُوا فَتَكَلَّمَ أربعةٌ منْهُمْ في جَمِيع أُصُولِهَا، وهُمْ عَلِيٌّ، وابْنُ مَسْعُودٍ، وزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ، وابنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- وَهؤُلاءِ الأربعةُ، إذَا اتَّفَقُوا في مسألةٍ وافَقَتْهُمُ الأُمَّةُ، وإذا اختلَفُوا، اختلَفَتِ الأمَّةُ، ولم يتَّفِقْ في مَواضِع اخْتِلاَفِهِمْ ذَهَابُ اثْنَيْنِ مِنْهُمْ إلَى مَذْهَب وذَهابَ الآخَرَيْنِ إلَى خِلاَفِهِ، ولكنْ حَيْثُ اختَلَفُوا، وقَعُوا آحَاداً، وذهَبَ ثلاَثةٌ إلَى مَذْهَبٍ، والرَّابَعُ إِلَى خِلاَفِهِ (٢).

ومنْهُمْ مَنْ تَكَلَّم فِي [مُعْظَمِها كأبي بَكْرٍ وعمر، ومعاذٍ بْن جَبَلٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ- ومنهُمْ مَنْ تَكَلَّم في] مسائِلَ معْدُودةٍ كابن عباس (٣) -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-، ثُمَّ نَظَرَ الشافعيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- في مَواضِعِ الخِلافِ، فاخْتَارَ مذْهَبَ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- حَتَّى تَرَدَّدَ قولُهُ حيْثُ تَرَدَّدَتِ الروايةُ عَنْ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-.

قَالَ الأصْحَابُ -رَحِمَهُمُ اللهُ-: وَلَمْ يُقَلّد زيدًا، وإنما ترَّجحَ مَذْهَبُهُ عنْدَهُ مِنْ وجْهَيْنِ: أحدهما: رُوِيَ عنِ النبِّيِّ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قَالَ:"أَفْرَضُكُمْ زَيْدٌ" (٤).


(١) سقط من: د.
(٢) من د: بخلافه.
(٣) في ز: كالعباس وفي التلخيص عثمان وقال لم أقف على ذلك منقولاً بإسناده.
(٤) رواه [أحمد. والترمذي. والنسائي. وابن ماجة. وابن حبان. والحاكم، من حديث أبي قلابة عن أنس، أرحم أمتي بأمتي أبو بكر -الحديث- وفيه: وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، صححه الترمذي والحاكم وابن حبان، وفي رواية للحاكم: أفرض أمتي زيد، وصححها أيضًا وقد أعل بالإرسال، وسماع أبي قلابة من أنس صحيح، إلا أنه قيل: لم يسمع منه هذا، وقد ذكر الدارقطني الاختلاف فيه على أبي قلاية في العلل، ورجح هو وغيره كالبيهقي والخطيب في المدرج: أن الموصول منه ذكر أبي عبيدة, والباقي مرسل، ورجح ابن المواق وغيره رواية الموصول، وقال الحافظ في التلخيص وله طريق أخرى عن أبي أخرجها الترمذي من رواية داود العطار، عن قتادة عنه، وفيه سفيان بن وكيع وهو ضعيف، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة مرسلاً، قال الدارقطني: هذا أصح، وفي الباب عن جابر رواه الطبراني في الصغير بإسناده ضعيف =

<<  <  ج: ص:  >  >>